قالت مرآتي :
منْ أنتَ تلعنكَ السنُون ؟
منْ أنتَ في الخلقِ تكُون ؟
أأقلّ من ذروِ الريّاح ..
أم قطرةً ببحور كون ؟
يا نملةً في الليل تسعَى
عمياءَ تُحرقهَا الظنّون ..
قلت :
اليومُ يمضي والشهُور ..
يومٌ مليء بالسرور
عامٌ مليءٌ بالشّرور
إنّي أنَا ملكُ الزمّان
والدهْر تتبعهُ الدُهُور
إنّي انَا قاضِي الحيَاة
والشعبُ من خلفِي يثُور
إني انَا طورَ الذكّاء
ونهايةُ البحثِ العُثور ..
قالت مرآتي:
والنارُ تمضِي في الهشِيم
واليأسُ يبدُو في الجفون
وكنانةُ الألمِ العتيد
تبدُو سهامًا من فنُون
والعقلُ في الرأس يدور
من إثر ما مسّ الجنُون
من أنتَ تلعنكَ السنُون ؟
من أنتَ في الخلقِ تكُون ؟
قلتُ :
العيشُ منبعهُ الأمان
والأمنُ منبعهُ الرِجَال
وأنَا زعيمُ قبيلةٍ
يهدّ مظهرهَا الجبَال
وآفة العيش القلَق
بالفِكْر أو ذلَ السؤال
إنّي أنَا العقلُ الكبير
ومعولٌ في تلال مال
قالَت مرآتي :
وحُصون ملككِ لا تكَاد
تحميكَ من كاسِ المنُون
أو تنجي من غدْرِ الصحّاب
أو تجعلَ المرضَ يهُون
إنمّا الملكُ سرابٌ
يا صاحبي الــــمفـــتون
من أنتَ تلعنُكَ السنُون ؟
من أنتَ في الخلقِ تكُون ؟
قلت :
إنّي إذا جاءَ العدَا
في الصفِّ أقفُ بالأمام
حتّى إذا خارَت قوَانَا
فالحربُ يتبعهَا السلام
إني إذا الشمسُ اضاءَت
إن شئتُ أصطنعُ الظلام
حتّى إذا ما الجدبُ يغزُو
أبني المزارعَ والخيَام ..
قالت مرآتي :
يا صاحبي المفتون قدْ
أرهقتنِي بطولِ الجوَاب
أتقنتَ في صنعِ الشجُون
أتقنتَ في قتلِ العذَاب
الآن تعشقكَ السنُون وتجعلك
ملكًَا .. على قصر السحّاب
لكَ في الحياةِ وما مضَى
في كلّ عصرٍ .. الف باب
إنّي أنَا صوتُ القدَر
الآن قد طويَ الكتَاب ..
يهتف قلمي :
الحقّ ليسَ هوايتي
ليتَ قضايَانَا تهُون
ما زلتَ في عمْرِ البشَر
شخصًا يناوبهُ الجنون
ذرةً بغبارِ قومٍ
عندمَا الموتُ يرون
من أنتَ تلعنك السنُون ؟
من أنتَ في الخلقِ تكُون ؟
1 Comment:
thats brilliant
Post a Comment