Sunday, September 06, 2009

غيّر في كرشك !.. رمضانكوم 5


في البداية احب التنويه والإعتذار عن لفظة خارجة حذفتها من المذكرة السابقة وقد كتبت تحت ضغط انفعالي رغم ان الحكومة تستحق أقذع الشتائم إلا أنّك عزيزي القاريء بريءٌ من سماعها مالم تكن وزيرًا مصريًا أو رئيسًا أو إبنه ..
لكن مع كل ما نراه من إستفزاز فإنني أحيانًا أبدأ في الإيمان أن السباب وقلة الأدب هما بالفعل السبيل الأمثل لإصابة الأذى بهؤلاء ممن لا يحسون ولا يشعرون وفضائحهم تلوكها الألسنه فيتجرؤون عليك أكثر وهذه ظاهرةٌ لا تحدث كثيرًا في بلدان العالم وخصوصًا إذَا كانت متفشيّة تفشي الشعب نفسه ..
اليوم أنا أكتب للحزب الوطنِي ومن أجله . فبهِ نعلو وبه تتقدّم الشعوب وترتقي الأمم , وبه تتواثب الغزلان وتغرد العصافير ويبرطع اللصوص ! , وفي مستهلّ حديثي عن حزبنَا الموقّر , والذي صار عجيبةً تلوكهَا ألسنة الناس في كل البلاد فضمن الخلود , فإسمحولي أن اعرض هنَا أهم شعارات الحزب المستحدثَة , لن اتحدث عن إحسبها صح تتشلّ صح , ولن اتحدّث عن مصلحة الضرايب هنظبطّك أولاً , سأتحدّث عن نصيحة أعضاء الحزب الموقرين وفاسديه من اعلى إلى الأسفل والتي جعلوا الدين مؤيدًا لهُم فيها ألا وهي نصيحة غيّر نفسَك , أو إبدأ بنفسِك مستشهدين بقوله جل وعلا " إن الله لا يغيّر ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم " , مما يجعلك تنظر إليهم في دهشة وتقول : آي والله عندكم حق .. وستظل تسعى طيلة حياتك لتغير من نفسك لتعجب النظام وترضى عنه ..
وإنني اسائل نفسي عن كنه هذا التغيير المطلوب , جميعهم يلقون هذهِ العبارة في ذكاء وينصرفون وكأنهم أخبروك بحل معضلة حياتك ولغز الكون وأهميّة وجودِك في الحيَاة , الطريف في الأمر أن هناك وزراء بات الشارع حالفًا بالله ومقسمًا بالسماء والارض والنجوم والكواكب أنهم لصوص وأفسدُوا البلد منذ تولوا حكمهَا ولكن موعظتهم دقيقة , لا بد من تغيير النفس .
ولنسأل أولاً عن المعنى الهلامي لهذا المفهوم والذي يذكرني بهلامات الحزب الوطني أمثال الإصلاح الإقتصادي والقيادة والعبور للمستقبل ومبارك والعبور الثاني والتي أتمنى ان يفسرهَا لي حكوميٌ كريم حتّى الآن
هل معنى غيّر من نفسك أي الإلتزام الديني والحلال والحرَام ؟ كيف هذا والحكومة تسوم المتدينين أصناف العذاب , هل إضطهاد رجال الدين وطردهم لأنهم غيروا أنفسهم وبدأوا في تغيير غيرهم إذن ؟
وإلا فما سر ما يحدث للمشايخ والقساوسة , وبإفتراض أنني صرت ملاكًا منزلاً لا يخطيء , هل سيكف رجال الشرطة عن مضايقتي وهل ستنضبط مواسير المجاري في شوارعنَا وينقّي الماء نفسه ويأتي القطارُ في موعده ويكف الفشل الكلوي والسرطان عن زيارتي في الأطعمَة وتنضبط هندسات السفن والقطارات وتكون الطائرات هي الأفضل ونصنع النهضة الماليزية ؟ , أم ان الحزب سيعلن وقتهَا عن فشل هذه السياسة فيبداوا سياسة جديدة , عزيزي المواطن نفسك غير مهمة ولم تحدث تاثير إبدأ بتغيير نفس من بجوارك إذن !
إذا فسرّت أنا هذه الآية فإن الحكمة الإيمانية تقتضي الإيمان بالقدريّة وحدوث تقلبّات جيدة وسيئة وتغيرات , أو حتّى حادث وفاة يغير الحال ولكن هذا يحدث مع الفرْد , لم يكن الله يخاطب الفرد بل الجماعَة , والدليل قوله " قوم " وفي حالتنا هذه يكون التغيير المطلوب هو عدم الصمت على الظلم وهذه الإهانات واللعب بمصائرنا والعبث بأرواحنا وإهلاكنا , ويكون مضمون الآية أن هذا سيظل حالنا حتى نغير عاداتنا السيئة من صمتٍ وخذلان وسكوتٍ عن الحقّ والعدْل ..
وإلا فكيف غيّر الله الغرب ؟ وهونج كونج وتايوان سنغافورة ؟ وكيف تغيّرت الهند رغمْ أن فيهَا بوذيون ممن يعتبرهم الإسلام وثنيون وعبدة للأبقَار ؟ وكيف تغيّرت ماليزيَا ؟ وكيف تغرق بلدان العالم الإسلامي في بحورٍ من الظلم والفساد والهوان بإسم الشرعيّة أو تمسحًا بهَا ؟
غيّر نفسَك أو إبدأ بنفسك , من الأجدر بإتباع هذا القول وجعلهِ منهجًا لحياتِه , الفقير الذي لا يعمل أم موظفو الحكومة المرتشون ؟ الضحيّة التي تُطلب منها الرشوة والضريبة في الميادين والمواقف والمصالح وحتّى المحاضر أم رجالات الحكومة اللذين يطلبونهَا ؟ المريض الذي يموت على باب المستشفى أم الذي يمر بوعكةٍ فيجد عنده أسطول إسعافٍ بأموال هؤلاء الفقراء اللذين يموتون ؟ ضحايا السرطان أم المسرطنون ؟ ضحايا التلوث أم المتسببون فيه ؟ الغارقون في العبّارة أم مغرقهَا ؟
أعزائي في الحزب الوطني , غيّروا من أنفسكم , وغيّروا من مناهجكم ونهجكم وتضليلكم , وغيّروا من شعاراتكم التي تناسب إيطاليَا التي لن تصمدوا فيها طرفة عين بكل فسادكم , غيّروا إسمكم , سيدّي الرئيس رئيس الحزب الحاكم , غيّر نفسَك أولاً !
ولمصر المجدللزيارة