Monday, November 23, 2009

الناس في مصر : الجزء الأول .

الناس في مصر ..

أنَا روحِي منّي إتهرّبت
والشوق وصَل , أبعد مجَال
أيّام كتيرَة بتنتهِي من غير سؤَال
والشوق يزيد ..
وعيوني تتخيّل خيَال ..
الوش صورتِك والشعر ناعم ..
قطفت منّه في خيالِي زهرَة ..
ملمسهَا رايق وبدون براعِم
وفي اليل تنادي يا حبيبة طاهرة
يا حبيبة طايرة من الغصون ..
بعلو طيرِك تتخفِّي
وبضي أنوارِك ظاهرة
بدفن في شوقي وأكتم في غمّي
والليل بيدخل ساكن في دمّي
والهمّ يركَب خالِي وعمّي
والليل بيزحف كئيب طويل
صالبين في مصر وبيقولوا أمّي
وإنتي حبيبتي وبعيدَة عنّي
وأنا قلت أنادي وأشكي في همّي
وأصرخ وأقول صبحِ وعصر
أحكي في حال الناس في مصر
الناس في مصر مالهمش خير
شريف حكومة معنَاه فقير
حاير وداير وشريد وتايه
وهزاله باين في بقايا طير
وخصوصي وضعه مش مضمون
وشخص عقده يموت مدفُون
أنا شفت طفل بريء وماشي
مادد إيديه وسمعت واشي
بيقول ده واد مالي الحواشي
وبكف إيده ضرب في وشّه
صرخ بصوت ضخم وممطوط
لو شفت اي شحات هنشّه ..
والطفل واقع وجروحه تنزف
تصرخ و تدعي ع اللي غشّه..
وصنعت بإيديّا هوايل
واقفَة تتحدّى الزمَن
لكن هيردمهَا الترَاب
وتتبَاع بلا تمن
وعرفت بنت جميلة حلوَة ..
إكتافهَا تقلانَة هُمُوم
اليوم يعدي ويعدي يوم ..
تلاقيها قايلة مش جايلي نوم ..
يا حبيبتي حكاياتي كتير
هنادِي إسمك يمكن تطير
وتطل فيكي من سطح قصر
وتصرخ معاكي صبح وعصْر
تحكي في حال الناس في مصر


*..*..*..*..*


إهداء :
إلى من قال : " لقد حلقنَا الله أحرارًا , فلن نستعبدَ بعدَ اليوْم "
وإلى كل من قال في نفسه : " لقد خلقنَا الله عبيدًا , فلن نتحرّر بعدَ اليوْم "

*..*..*..*..*


ناديت كتير وياما صوتي إتنبح
متخافش لا من جني ولا من شبح
وإن هب فيك عفريت قتيل إسأله
ما دافعش ليه عن نفسه لما اندبح ؟
وعجبي !
جاهين

*..*..*..*..*

تقديم :
الناس في مصر همّهم واحِد و معيشتهم كلها تقريبًا واحده وإن إختلفت الأشكال , فيه ناس عواطلية , وفيه ناس بتحاول تبقى عواطلية , وفيه ناس شغالة وكأنهم بالظبط عواطلية وفيه ناس شغّالة دايرة في ساقية بلا نهاية ومستريحة لحياتها كدا بدون أي تجديد ولا تطوير ولا تطور ولا تمديَن , وكأن عقدة تراث الأجداد والآثار موجودة في كل حاجه بقت تراث أو هتبقى تراث يجب الحفاظ عليه !
الناس في مصر فيهم اللي مرتبه ربعمية واللي مرتبه اربع آلاف والاتنين بينصرفوا في نفس الشهر مع فارق معيشي معين ليسَ أكثر , لكن الاتنين دول قدام الحكومة واحد طالما مش هيشروها أو واحد فيهم عنده واسطة , لأن إللي عنده واسطة ده مخلوق درجة رابعة أعلى من اللي معندوش الدرجة الخامسة لأن إنتم عارفين إن الواسطة عضو مهم في جسم الإنسان زيها زي إيده ورجله وعينه .
الناس في مصر عجيبة قوي ما تقدرش تفهمهَا , طبيب يشتغل جزّار , ودكتور جامعي بيشتغل باليل سواق تاكسي لأن الكورسات حرام , وشهادة ليسانس وبكالوريوس يتلمّع عليهَا الجزَم , وصنايعِي يطلع فاهِم في كل حَاجَة وميكانيكي يشغلّك العربية ولو وديتله فرخة بتمثل إنها عربيّة , أنا فاكر إني شفت سواق أتوبيس بيزمر بزرار في كوبس كهربَا متعلق تحت الدركسيون , نموذج مصغر للعبقرية , نفس السوّاق ده بيصرف على بيت وعيله وبيطلع عين أهله طول اليوم بمية جنيه وفي الآخر ياخد غرامة بخمسمية .
الناس في مصر عندها ميزة غريبة جدًا ظاهره فيه الرحمه وباطنه من قبله العذاب , تلاقي الشخص مرتبه ربعميت جنيه او سبعمية أو حتى ألف ومصاريف السكن والمية والكهربا والعيش الحاف سبعميت جنيه مثلا وسيبك بقى اذا كان متجوز وسجايره لو كان مدخن وأكله ومصاريف الأولاد لو عنده أولاد وتحويشه للشبكة والأثاث والمهر لو لسه ما اتجوزش , الطبيعي إن المواطن عشان يكون شريف مطالب إنه يكون سوبر مان , وطبعًا دي شخصية خيالية وإن كانت الناس برضه عايشة يبقى منين ؟
بعدين نسأل عن سرطان الفساد وإزاي نستأصله ونلاقي كلنا بنشتم في هؤلاء الفسقة الفجرة الكلاب المرتشين اللي بوظوا البلد .. طب تصدقوا انهم فعلا فسقة !
الناس في مصر كمان فيهم كل حاجه , أحيانًا بشك إن إحنا ناقصنا رائد فضاء , يا ترى امتى يظهر رائد فضاء مصري ؟ , عندنا اللي طلع افرست واللي خبير في الطاقة النووية ورجال الأمن الصارمين حفظهم اللهم والمخابرات الأقوى على مستوى العالم والشعب الذليل أعزه الله الذي يشتمل كل هؤلاء وزد عليهم جميع الفئات من عباقرة ومبدعين ومبتكرين في أضيق الحدود وبما يكفي حاجتهم المعيشية , بيقولوا إن الحاجه أم الإختراع , وقد يفسر هذا الكثير من الأعاجيب لكنه لا يفسرها كلها .
ورغم إن الإنسان دايمًا حر في إختياره حتى في الجرائم ويزعم إنه عارف الصح من الغلط لكنك تلاقيه دايمًا تابع , تابع لشيخ او منصب أو مطبلاتي , لأنه يمكن اتعلم كل حاجه لكن القيادة لأ , كمان الانسان العبقري الفهلوي اللي بيقدر على كل حاجه ده إنسان من ورق , لأنه ببساطة أبسط حقوقه مهدرة بإستخفاف شديد في أكثر من ألف واقعة أقلهم كفيلة بإقالة حكومات بكاملها بالخارج , ولكن لأن مصر بلد الأمن والأمان للحكومة فهي ببساطة مستعبدة الناس , معنى إن المية في حنفيتك ملوثة أو فيها تيفود والأكل متسرطن , وصوتك بيتزور في الانتخابات ولو فتحت بؤك هتنضرب على قفاك وتتسحل وتبقى وقعتك سودة , وفلوسك ببتاخد والمال العام بيتباع وفلوسه بتتهدر على عينك يا تاجر من شوية عصابات مافيَا قادرة انها تزيده باستثماراتها , بالإضافة إلى تعميم الجهل و النظام التعليمي الذي صار مضرًا بأكثر الأهالي والأفراد دون فائدة حقيقية , موضوع صعوبة السفر إلا بمبلغ باهظ أو تأشيرة مقدسة , سيبك من موضوع التجنيد الإجباري .. وغيره وغيره , كل هذا يؤكد , أنني وأنت وغيرنَا عزيزي المواطن المصري .. مجرّد عبيد ..
الناس في مصر كتير كتير , بيضحكوا من قلب أحزانهم , ويفرحوا من جوة أتراحهم , أدمنوا معنى الألم فاتعودوه , ولولا بقية إيمان أو بقية فقر أو بقية تشبث بالدنيا لرأينا آلاف حالات الانتحار , معنى السعاده عندهم بسيط جدًا , ممكن بكلمة تفرحهم كلهم وبكلمة تزعلهم , شعب راسه في رجليه وبيدور حوالين نفسه وأكبر دليل على كدا انك هتلاقي خمسة وسبعين مليون شخص مش طايقين شخص واحد وكارهينه قوي وهوا مستعبدهم !
من الناس اللي مفرطين في حقوقهم دول ممكن تلاقي الشهم والجدع والبطل واللي ممكن يموت في خناقة عشان واحد شتمه بأمه , وفي نفس الوقت متحمل كل الذل والهوان ده وإهدار حقوقه وعجزه عن الجواز مثلا أو التعليم أو العمل أو حتى اللعب .
وأنا كثير الأسفار مشارك أحيانًا في بعض الأحداث السياسية , حبيت إني أعمل تصنيف , التصنيف ده لنفسي في المقام الأول , عشان أعرف أصنف الفئات وأحصر الطبقية بصورة موضوعية , التصنيف ده عبارة عن موضوع كبير قوي , شفت إني هستعين فيه بحاجات كتير من برّة فقررّت إنه يبقى سلسلة , مفيش نظام معيّن لهَا , مقال أو شعر أو قصة , عامي أو فصحى , إبداع أو بطيخ ., ليا ولغيري في نفس ذات الموضوع , هنتكلم عن سواق القطر والتوربيني و الصعيد والريف واسكندرية والمنصورة وبور سعيد , هنتكلم عن جمال مصر وفساد مصر , عن أهلها المتحضرين جدًا واهلها المتخلفين جدًا .. هنتكلم وهنتكلم وهنتكلم
وهنتكلم !

*..*..*..*..*


1 – الرئيس :
لا يعدّ من أهل مصر لأنه لا يدرك مشاكلها ولا يجسر على حلها ولا يستطيع السير في شارع ولا حارة إلا بعصبة مدججة بالسلاح وقناصة على الأسطح وسيارات وموتوسيكلات وخدم وحشم , كمَا أنّ بين المواطن وبينه آلاف الحواجز ..
الرئيس ومن على شاكلته ليسُوا من النّاس , ولا يمكن حسابهم منهم , لأنهم لا يظهرون بين الناس إلا للكاميرات .
· من الأبجدية الساخرة : راء رئيس : يختلف تعريفه من دولة إلى أخرى , فتارة يجلبه الشعب ليحقق به تقدّم وتارةً يختاره الشعب ليسومهم سوء العذاب , وفي بعض دول العالم الثَالث هو الذي يختار الشعب فقد يمنح الأجانب مميزات أكثر من مواطنيه , وظيفته في الحيَاة , استثمار ممتلكات الدولة و الحرص على عدم تبديدها ووضع أثمانها ودخولها في خزانته الخاصة لينفقه على الإصلاح الإقتصادييرتدي نظارة ريبان ويمتلك سيارة مرسيدس سوداء بسائق.
ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الرئيس ليس من أهل مصر هو حكمه للجابون أو موزمبيق , لا أحد يعلم بالتحديد ولكن حين تجد الطعام مسرطنًا وحوادث الطرق كثير والنظام مهرجل والرشاوي كثيرة وإجبارية لا فكاك منها وإذا حاولت مجرد الإعتراض فعليك أن تحترس من أجل سلامتك , كل هذا يعني أننا نعيش فعلا في بلد سيادته التي يحكم فيها بالديمقراطية ويحقق فيها الرخاء والرفاهية كما يزعم دائمًا ..
· من الأبجدية الساخرة : دال ديموقراطية : مصطلح يطلق على كل شيء ممكن وان كان قد اصطلح على تسميتها في بعض الدول بأنها أن يقول الشعب رأيه بصراحة وأن يقوم الرئيس بسجنه ! يرتكب باسمها الكثير من المذابح سواء لتحقيقها أوللدفاع عنها , رغم أنها لا جسم لها ولا لون ولا طعم ولا رائحة ؟
ورغم أن الرئيس ليس من أهل مصر طبقًا لتصنيفي فإن له اصابع كثيرة فيها ويدًا عليَا وصمتًا مشجعًا إزاء كل ما يحدث , بل وصلَ الحدّ إلى أن الإتجار في ثروات البلاد , وعموم الفسَاد والوصولية وكل هذَا صار يضرب بإسمه لهذا كان وجوده هامًا في التصنيف ..
وعمومًا يمكن حسم هذا الأمر إذا أجبنًَا عن هذه الأسأله :
- كم مرة سار الرئيس في الشارع بلا خدم ولا حشم ولا مدافع ولا حجاب حاجز بينه وبين الناس ؟
- لماذا لا نسمع صوت الرئيس مطلقًا في أية كارثة حتى المثيرة للرأي العام مثل العبارة والدويقة و المخدرات وغيرها ؟
- كم طلبًا لبّاه الرئيس للشعب وكم مرةً أخذ فيه برأيه ؟
- لماذا دائمًا يجتمع الشعب على أن ما يقول الرئيس أنه سينفذه سيكون كارثة وعندما يمرر في مجلس الشعب أو ينفذّه الرئيس رغم كل الرفض الشعبي تجد أن التلفزيون المصري يراه إنجازًا مذهلاً أسعد كل أهل الأرض ؟
- قصور الرئيس في مصر بلا يجرؤ أحد على منافستها , وأملاكه كذلك , لماذا ؟
أهمية الرئيس في مصر رغم كونهِ ليسَ من النّاس :
1 – لم يكن من اهدافه إرضاء الناس يومًا لهذا رفض الشعب تصدير الغاز إلى إسرائيل فصدّره , نبذ الشعب معاونيه الفسدة الذين ينهبونهم فقربهم إليه وأعطاهم المناصب , أحب الشعب عددًا من الشخصيات كانوا يشعرون بهِ أحيانًا فعزلهم وأتى بظلال لهم , أحب الشعب المنتخب فدس أنفه فيه , كره الشعب طغيانه وسلطانه فخرج بشعار القيادة والعبور للمستقبل , بالإضاقة لأن عذا هو العام الثامن والعشرون على التوالي الذي نقول فيه أن مرحلة الإصلاح الإقتصادي شارفت على الإنتهاء .
2 – للرئيس بصمة واضحة في حياة الجميع , فعلى مدى أعوام طويلة وقبل طوفان الفضائيات والتي صارت له فيها ايضًا قنوات رسمية مهمّة وغير رسميّة تعمل من أجله في الخفاء وتظهر عكس ذلك , المهم أنّه قبل ذلك لا ننسى أنه كان يدخل صالة كل منزل بل وأحيانًا غرف النوم عبر شاشة التلفزيون يوميًا وهو يتحفنا بإفتتاح عدد من المصانع والمشاريع والإنجازات الهائلة , أو غلقاء عدد من خطاباته الرنّانة .
3- رغم أنه لا يعيش في مصر إلا أن هذا أشعره أن مصر يتربص بها أعداء كثيرون فهو لا يتوانى عن التحذير من المساس بأمن مصر وثروات مصر ورخاء مصر ورفاهية مصر وأنه لن يركع إلا الله , ورغم أن جميع الخبراء لا يعرفون من يحدّث بالضبط خصوصًا أنه يقول هذا بينما يحتضن زعماء أمريكا وإسرائيل ولكنهم يباركونه لأنه رجل صاحب رؤية وبالتأكيد يرى الغزو الفضائي قادمًا ’ لهذَا فهو مهم في إرهاب العدو بينمَا أمن مصر مفكك و ثرواتها منهوبة وشعبها مسرطن ملوث معدم فقير هزيل , قال نجيب سرور يومًا : لو طبّوا بكرة اليهود يا مصر وخدوكي , والله ما هيشيلوا من فوق الكراسي حد , هيلاقوا مين يحكمك إلا اللي باعوكي ؟..
4- يجيد الظهور بصورة البطل فمنع إقرار قانون حبس الصحفيين في الساعات الأخيرة وكأنه سمع به حينئذ فقط , وقام بالعفو الرئاسي عن إبراهيم عيسي بطل المعارضة ليثير الأقاويل حوله رغم أنه لم يرد على كلمة جاء بها في مقالاته , وزاد العلاوة ثلاثين في المئة وأظهر إستياءه حين علم أن الأسعار أصابها الغلاء وتضاعفت, ولا ننسى هنا أنّه قائد الضربة الجوية .. آيييي !
5 - يصلح مادّة رائعة لنكات الشعب المصري .
6- يقوم بحراسة مقعد السلطة من ايدي الطامعين والمحتلين وغواة الفضاء ولو إقتضى هذا حبسهم وإعدامهم .
7- راعي الضوء الأخضر لبلطجة الحكومة .

*..*..*..*..*

2- الرئيس البديل :
هو زمنٌ ننعَى فيه هذَا المصطلَح , الذي صار فكاهيًا مضحكًا , الأكثر فكاهةً ان ترَى النّاس –وأنَا منهم - تتحدّث حول المستقبل و الرئيس القادم ومن وكيف سيكُون , والواقع مزرٍ مخجلٌ مهين بشع , يطل علينَا في بجاحة وبشاعَة , نعم نحن نعاون إسرائيل , نعم نحن لا نستطيع توفير مال ولا طعام ولا عمل ولا سكن ولا تأمين لجميعكم , نعم تعليمنَا مضروبٌ بالمدافع , نعم مياهنَا ملوثة وطعامنا مسرطن ومعظمنَا مرضَى , نعم المخدرات منتشرة والإنحلال عام والفقير مظلوم ويستطيع تحمّل جرائم الكبَار خاصة ان نسبة الفقر لدينا عالية , أليست هذه هي إعترافاتهم وتصريحاتهم ؟
ملحوظة خارج النص :
- ذكروني بجمع تصريح كل مسئول عن كل ما يهم الشعب في مقال واحد حتّى ندرك أن الحكومة اعترفت انها فاشلة ولن تستطيع التغلب على هذه المشاكل كما أرجو أن تذكروني بجمع السباب الذي خرج من المسئولين تجاه الشعب بداية من " دول همهم المرة والأكل " ونهاية بـ " نعمل إيه يعني " –
ولم يعد أحد يهتم بمشاكل الواقع التي كثرت وتشعبت وتغلغلت حتّى صارت طبعًا وكادَت تصيرُ طبيعَة ورغم هذا الجدال الدائر بين المثقفين والسياسيين والأدباء والفنانين والإعلاميين والمتعلمين , إلا أن المواطن المصري البسيط يدرك حقيقة فطرية : مبارك لن يترك حكم مصر , ليس مبارك الرئيس , بل مبارك المنظومة , مبارك بنظامه وقمعه وسياساته وخليفته من بعدهِ ايًا يكن لن يختلف نهجهُ كثيرًا عن نهجِ سابقه طالمَا هو من عصبتهِ وحكومتهِ ورجالهِ المخلصين والمتربّحين في عهدِه , ذلك الذي صنع كل هذا الفسَاد , حتّى قال فيه شيطان الشعر عندي
فخامة سعادتك سعادة رئيس .. أصاب كل شعبه بمرض الجنون !
هذا الشعب البسيط الذي أدرك تلك الحقيقة الفطرية حتّى أنهم صنعُوا دعابةً حكيمة تعالج الأمر بطريقة تقليدية وهي
- عثر أحدهم على مصباح علاء الدين ذات يوم , فركه فخرج الجنّي :
- شبّيك لبيك عبدك وملك ايديك , اطلب امنية واحده وهنفذهالك
سعيد الحظ وهو يرقص :
- عايز أمي ترجع صاحية من الموت تاني !
الجني :
- لا لا مقدرش اطلب طلب معقول .
سعيد الحظ بعد أن فكر كثيرًا :
- شيل الرئيس من حكم مصر !
الجني :
- هوا فين قبر أمك ؟!!!!
لهذَا فقبل أن أخوض في تفاصيل الرئيس البديل طبقًا لما أراه وما أرى أن الناس في مصر يتمنونه فسأذكر دعابةً اخرَى قيلت في سبيل أن صاحب السلطة واحدٌ فقط , متفرّد متحكّم متجرّد من .. إحم , الدعابة تقول :
- زار الرئيس المصري الملكة البريطانية , فسألته وسط حديثهمَا عن عدم تعيينه نائبًا للرئيس , فأخبرهَا أنه لا يجد أحدًا كفءًا يمكنه ملء هذا المنصب فقالت له :
- يا عزيزي يمكنك إختياره كما إخترت أنا توني بلير !
الرئيس المصري :
- وكيف إخترتي توني بلير يا سيدتي ؟
ملكة بريطانيا :
- إتصلت به في الهاتف وقلت له : توني بلير من هو ابن امك وابوك وليس بأخوك ؟ فأجاب إنه أنا يا سيدتي توني بلير فقلت له مبروك عليك الوزارة !
عاد الرئيس المصري إلى وطنه وهو ينوي إختيار نائب له وعندما هبطت به الطائرة إتصل برئيس مجلس الشعب .
الرئيس :
- حبيب قلبي , من هو ابن امك وابوك وليس بأخوك ؟
رئيس المجلس :
- إنتا يا ريس دنتا حبيبنا وانتا رئيسنا وانتا رئيس والنعمه كويس .
الرئيس :
- مش بطال بس غلط , جود باي
إتصل بعدهَا برئيس الوزراء :
- حبيب هيرتي , من هو إبن امك وابوك وليس بأخوك ؟
رئيس الوزراء :
- عيب كدا يا ريس مش قلنا بلاش غلط في الام ؟
إتصل أيضًا برئيس مجلس الشورى :
- روح قلبي , من هو ابن امك وابوك وليس بأخوك ؟
رئيس مجلس الشورى :
- البطيخه يا ريس ؟
أخيرًا مل وأصابه الغضب فإتصل بوزير داخليته في جنون :
- حبيب الملايين , إنتا الأمل الأخير لو جاوبت السؤال ده هتبقى نائب رئيس , من هو ابن أمك وابوك وليس بأخوك ؟
صمت وزير الداخلية قليلا ثم قال :
- ممكن أستعين بصديق ؟
الرئيس :
- ممكن بس انتا املي الأخير .
قام وزير الداخلية بالإتصال بالعالم المصري د . أحمد زويل وسأله من هو إين وأبوك وليس بأخوك فأجابه أنه أحمد زويل نفسه بالتأكيد فعاد الوزير إلى الرئيس وقال له :
- عرفت الإجابة يا ريس مقلتليش ان الاجابة صعبة كدا , بس انا طلعت ذكي كالعادة
سأله الرئيس :
- مين هوا يا ناصح ؟
- أحمد زويل نفسه !
هنا كاد شعر الرئيس يشيب وهو يهتف في جنون وغضب :
- أغبيااااااااااااااااااااااااااااء , محدش فيكم عارف إنه توني بلير ؟!!
وبالتأكيد لم يعد هناك داع لنائب الرئيس من وقتهَا , ولكن الكارثة هي القضاء على كل من يصلح شخصه لتولّي هذَا المنصب , ولعلنّا جميعًا نذكر تلك الملحمة العظيمَة التي صنعَها رائد الحريّة في مصر د. أيمن نور في إنتخابات العام الخامس من الألفية الثالثة على تولي هذا المنصب , التقدم, إستبساله في مجلس الشعب , مشاريعهُ البناءة الكثرة جدًا والتي أخرجتها الحكومة بإسم الحزب الوطني فيما بعد , بعدهَا تحديه علنًا للرئيس والإنفتاح الفكري وفي حرية الرأي الذي صاحب إستغلاله لنفوذه ومنصبه عن طريق التضحية بهم وإبداء أول معارضة وتحد حقيقي للرئيس والعمَل من أجل مصرْ ! , بعد هذا نتيجة الإنتخابات التي حاز فيها على أكثر من سبعمائة ألف صوت , فضيحة التزوير التي تكاد من هولها تجعلك تظن أن النسب معكوسة فعلاً , ثم تلفيق التهم من نظام لفّق عشرات التهم بالدلائل والمستندات , فالسجن في قضية جنائية أقسم معظم القانونيين على براءته منها , فالإهانة فالتشويه فسحل كل أتباعه وتهديد كل أنصاره , والتضييق عليه في مساراته , حتّى بات من العسير قانونيًا أن يتأهل بطل الحريّة إلى هذا المنصب .
و رغمْ هذَا فعلى مستوى المنافسة أيضًا لا يوجد من يمكن أن يكون منافسًا لأيمن نور في شعبيته , فإذا إعتبرت أنَا أنّه الأجدر بالقيادة ولا منافس له فليس هذا لأنه يقمع المنافسين أو يسحلهم أو ينقص في ثروات الشعب ويزيد ثقافاته الجاهلة ويجعلهم كلهم فسدة أو مرتشون , بل هذا لأنه ورغم ما حدث وحتى الآن ما زال يسير في الشوارع والحارات ويزور المدن والقرى والنجوع ويجالس البسطاء و يناصر أصحاب الحقوق ويتضامن في قضايا الرأي و منزله مفتوحٌ لإستقبال العامّة , وما زال يفعل كل ذلك بذات الحماسة .. أو أشد .
المرشح التالي في الإنتخابات الماضية – لاحظ أننا أهملنا تماما فترة قبل تعدد الترشيح – كان هو د. نعمان جمعة الذي حاز حوالي نصف مليون صوت , عن طريق بعض الإعلانات , ولن أعقّب كثيرًا عليه وعلى ألعاب النظام , فقط لنتذكّر أنّه نفس الرجل الذي إستأجر بلطجية فيمَا بعد لإقتحام حزب الوفدْ !
بضعة ديكورات فخمة فيما بعد وصلت درجة الإستهزاء بأحدهم أن أدلى بصوته للرئيس , هؤلاء هم بقيّة المرشحين , كان هناك كاريكاتير عبقري لرسام في جريدة وسط البلد التي توقفت تماما قبل أن تبلغ عددها الرابع رسم الرئيس في طائرة وبقية المرشحين على وسائل مواصلات ابتداءًا بالسيارة- العتيقة – وإنتهاءًا بالسلحفاة والقنفذ

*..*..*..*..*

3- الرئيس القادم :
من المضحكات الكثيرة التي تعجّ بها مصر ولكنّه ضحك كالبكَا , أن الخبرات السياسية الحقيقية والتعاملات الخارجية تتمّ عن طريق رجال الحكومة وحدهُم , قديمًا كانت تلك الخبرات تنشر في كتب قيمّة من أمثال سعادة السفير لسعد الفطاطري و خمس سنوات في بيت من زجاج لبطرس بطرس غالِي , وغيرهم أمّا الآن فتكاد الكتابات تنعدم إن لم تكن منذرة بالويل لواقع مصر أو سفسطائية مقالية , بالإضافة إلى كون المناصب الحكومية والدبلوماسية والحساسة لا بد أن تخضغ خياراتهَا لتحريَات جهاز أمن الدولة ..
لهذَا فقد صار حديث النّاس في مصر عن الرجل القادم يتضمن أن يكون رجلاً مقتدرًا لا يحتاحُ إلى المال في شيء , حكيم السياسات كذلك الذي أفقرنَا , له خبرة سياسية , له منصب كبير أو أثبت نبوغه في أحد المجالات , هذه هي مواصفات الرئيس القادم في عقول النّاس الـتّي لت تتعلّم .
كان الأمل المتعلق ببطل الحرية أيمن نور كبيرًا , ولكن قضيته الجنائية الملفقة حالت دون إتمام هذا الحَال , وهكذَا إتجه الحديث بوضوح وصراحةٍ إلى التوريث , مبارك لن يترك حكم مصر , وجمال سيستمر إلى الأبد من بعده , ولا توجد أي بوادر لفرج قريبٍ أو بعيد , وخرج علينا جمال نفسه ليعلن أنه لن يرشح نفسه , ثم بدأ في عقد لقاءات جماهيرية و الترويج لنفسه ولقاءات طلابية لم تستطع المعارضة التواجد في أي منهَا , و من الواضح أنّه يسعَى تمًامًا لوراثة مصر .
ما يقولهُ البسطاء من فكرة دعائيَة لا أعلم من أطلقهَا بالضبْط أنّه " مبسوط " وغنيّ وقد إمتلأت بطنه من قوت مصر حتى لم يعد فيهَا مكَان , هكذَا سيكون حكمه جيدًا نزيهًا , وهي فكرة رائعة تماماً ومنطقية جدًا إذَا ما عرفنَا أنه غنّي منذ تولى والده الحكم , غني منذ المليون ثم المليار الأولى في أرصدته وأرصدة والده , هل يفهم البسطاء أن جمال رسول لعتاة الرأسمالية المتوحشة ؟
حقيقة أننّا عائدون إلى عصر البشوات واضحةٌ وضوح الشمس ..
بعد هذَا جاء السيّد عمر سليمان , ما يضحكك هنَا أنّ الناس منذ سنوات قليلة لم تكن تعرف من هو عمر سليمان ولا تعرف من هو مدير المخابرَات , برز دوره فجأة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ثم علمنَا أنّه جعل المخابرات المصريّة تتصدّر العالم بجسارة حقيقية , وبدأ إعجاب الناس به يتزايد ثم بدأ حديث ترشيحه للرئاسة , هو الأصلح ! , هو الأكفأ , صحيح أنّه عسكري لكنه صارم !! , أنا أرشح عمر سليمان , أنا أحب عمر سليمان , ونقرأ أخبارًا عن رسائل تصل للمسئولين لترشيح عمر سليمان وعمر سليمان نفسه لا يملك أن يتفوّه بحرف واحد لحساسيّة منصبه وحساسية ما يتحدثون فيه , أو هو يلعب الموضوع بألعاب المخابرات وينوي أن يريح الجمهور في وقتٍ مّا يرَاه هو مناسبًا !
ينسى النّاس هنَا أنّهَا نفس الحكومة التي قائدهَا الأعلى للقوات المسلحة هو الرئيس , أي أن الحقيقة المرّة أن عمر سليمان جاء كمدير للمخابرات العامّة بقرار الرئيس مبارك مانح الوظائف وإن أثبت الرجل كفاءته الشديدة فيه , هذه لعبة تشتيت بارعةٍ للغايَة وواضحَة حتّى أنني أضحك عندما أرى كبار مفكرينَا يتحدثون جديًا عن ترشيحه وفوزه , وأنا لا أتخيل من رئيسٍ سحل معارضه الحر أن يجعل ضابطًا يؤدي إليه التمام فائزًا عليه .
بعد هذَا إتجهت الأنظار إلى العلماء , أحمد زويل و البرادعي العظيمان الحائزان على نوبل , زويل مشهور بعلمه وحبّه للناس وحبّ الناس له , ذلك الذي صار فخرًا لهم جميعًا , وعلم أنّه سيصطدم بقيادات قمعية أو سيجعلونه ممثلاً في السيرك الذي يقيمونه ويحسمون نتائجه بالتزوير , ونأى بنفسه عن كل ذلك معلنًُا أنّه ليس له طموحَات سياسية بينمَا البرادعِي ما زال مطروحًا على السّاحة وبقوّة منذ فجرّت جريدة الدستور قضية ترشيحه , والحقيقة أنه أوقفني في التفكير طويلاً .. هو مواطن نمساوي , ومنصبه في وكالة الطاقة الذرية جاء إليه في النمسا , وقد وددت أن أسأله عدّة أسألة .. ما الذي يعرفه عن الناس في مصر ؟ كم مرة زار قريته ومسقط رأسه التي تفتخر به اليوم ؟ , مع كم قضية حقوقية تضامن ومع أي مظلومين وقف وأي نشاطات مفيدة صنعها لنا ؟ وكم عامًا عاشه في مصر على كبره ؟
هذا هو ما أريد قوله , الناس في مصر تفكيرهم غير منطقي نهائيًا , نحن نريد شخصًا من الشعب إبنًا له , لا يهم غني أو فقير ولكن يهم أن يرى حالهم ويعيش مآسيهم , أن يسير في القرى ويقفز على مواسير الصرف الفاسدة ويركب في قطار من قطارات الدرجة الثالثة , أن يتعامل مع الفساد بحزم ويستغل أمن دولته في إمساك الجناة الحقيقيين على مصر, بل يلغي جهاز أمن الدولة .. !
الأهم من ذلك
أن يشارك في إنتخاباتٍ نزيهة نظيفَة لا تزور معظم أصواتها !

*..*..*..*..*

4 - رئيس الوزراء و الوزراء
رئيس الوزراء هو شخصٌ يرأس الوزراء , والحكومة التنفيذية وطبقًا للدستور يمكن إطلاق لقب الرئيس التنفيذي الداخلي عليه رغمْ انّه لا يوجد أي دورٍ حقيقي ملموس له ., وقد تولّى المنصب في مصر العديد من الأشخاص اللذين خرج كل منهم بكوارثه وما زلنا نعايش أسوأ الكوارث , هؤلاء الأشخاص هم من يتحملون ذنوبًا لا قبلَ لهُم بهَا وهم واجهة النظام الديكتاتوري وخدّامه اللذين يقعُ عليهم الإثم في الحالات التي يجب أن تُبَاد فيها الحكومة كاملَة ..
هم أيضًا ليسُوا من الناس في مصر وإن كان بعض وزراءهم كذلك , فهؤلاء يأخذون من القرارات ما يزيد الناس ضيقًا على ضيق , ومهانةً على مهانة , وعذابًا على عذاب , وفقرًا على فقر , وهي سياسة واحدة رشيدة يتبعها الجميع أدت إلى تدهورنا وتأخرنّا ألف عام إلى الخلف , مع إبقاء بعض الوزراء في أماكنهم رغم الرغبة الجماهيرية والسياسية في إقصاءهم بل ومحاكمتهم عسكريًا ..
السيد حبيب العادلي مثلا وزير الداخلية , كم شخصًا أنتهكت حقوقه أو عرضه أو جسده أو حياته في سجونِه لمجرّد حب مصر أو جريمة جزاءها القانوني لا يصل إلى عشر ما يوقّع على الجانِي من عقَاب إذا كان هو الجانِي أصلا ..
كالعادة علينا أن نتأكد أن قضايا الرأي العام التي تهم كل المصريين تواطأ سعادته فيها فأمسك رجاله بجاني مزيف في حادثة بني مزار بينما تركوا السفاح الحقيقي طليقًا ولم يتم الوصول إليه , ممدوح إسماعيل مغرق العبّارة التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري هرب إلى لندن بعد فترة طويلة من إقامته في مصر وكل أصابع الإتهام تشير إليه , هشام طلعت نصطفى محظور النشر في قضيته , مسعد أبو فجر وأمثاله ممن برأهم القضاء براءة كاملة وما زال يحتفظ بهم في سجونه ضاربًا بقرارات القضاء عرض الحائط , إعتقالات الإخوان الغير مبررّة , آلاف حوادث تلفيق التّهم , آلاف الهاربين من التهم الحقيقية , آلاف البلاغات المحفوظة , آلاف التجاوزات من ضباطه , حالات إختطاف كثيرة للغاية للأطفال والفتيات , وغيرها ..
هذا هو النموذج الصارخ لذلك الذي هو مؤتمن على أمن هذه البلاد التي يتشدقون بكونهَا بلد الأمن والأمان وقد نزع الله عنها هذا الثوب وألبسها ثوب الخزي والعار والصمت والذل والهوان والخوف , وهو نموذج لأحد رجال سيادته الأعزاء إلى قبله ..
وزير الإستثمار مثلاً وبيع المال العام وقانون الصكوك والتفريط في ثروات مصر رغم الرفض الشعبي ورغم إمتصاص كل مليم يدخل إليهَا , ورغم أنّ الحكومة تعتمد ميزانيات ضخمة للعام الواحد تصل هذا العام إلى أكثر من ثلاثمائة وخمسين مليار جنيه فأنا أزعم بشدّة ان شوارع كل محافظة من المحافظات لو رأت مليارًا واحدًا لتبدّل حالهَا تمامًا ولكن لعنَ الله من يمتصون المال حتى القرش الأخير , ورغم هذا لا نجد تقدمًا في مصر ولا تطورًا ملحوظًا بل زادت نسب الألم والعذاب والقهر والكبت والجنون والفقر , حتى صار وزراء نفس الحكومة يخرجون بتصريحات عدائية توضّح حنينهم لمنظمات المافيَا لا إستعدادهم لخدمة هذا الشعب , إعترف وزير التعليم أن التعليم منهار ولكنه لا يعرف ماذا يفعل حياله , إعترف أحدهم أنّنا نزيد زيادة مطردة وهو عاجز عن فعل أي شيء , قال أحدهم ذات مرّة أن الناس همّهم فقط النساء والطعام , قالَ كثير منهم أنهم عاجزون عن تدبير الوظائف اللازمة ولا التكليفات ولا مساعدة الطلبة , فرضوا الغلاء الفاحش على كل شيء , ألغوا مجانية التعليم ودهوروا أحوال التأمين الصحي وقاموا بإذلال أصحاب المعاشات , جعلوا المواطن من الناس مهانًا في الداخل وكرامته تدَاس بالأحذية في الخارج , خانوا الناس ومدوا أواصر الصداقة مع إسرائيل حتى صارت العلاقة بين مصر وبينهم أفضل من اي علاقة بينها وبين الدول العربية وما زالوا يتحدثون عن التطبيع , جعلوا حلم كل شاب هو الهجرة و حديثهُ هو سبهم ولعنهم .. ولعن مصر !
هؤلاء هم وزراء مصر المؤتمنون على شعبها ومالهَا وسياساتها وعلاقاتهَا , وهذا هو حالهم وعلّ هذه حقائق والأكثر منها إفزاعًا ستفاجيء أي شخص يبحث عن أي وزير منهم .
المحافظون أيضًا وهم على درجة الوزراء , هؤلاء تشعر بغيابهم الكامل عن الشارع المصري , ربّما لولا بعض الأخبار المحلية والإعلانات من آن لآخر لنسى الناس وجودهم تمامًا , دعكَ من أن لهم شروطًا مثيرة فستجد معظمهم إن لم يكن جميعهم وهم الحكام المباشرين للمحافظات رجلاً عسكريًا , ضابط جيش أو شرطة سابق , ورغم ان البعض قد يقوم بإنجازات ولكن السائد أنّه لا شيء يتبدّل , فقط هناك شخص يأتِي هو بمثابة الزعيم الذي لا يراه أحد .
رئيسي مجلسي الشعب والشورى أيضًا والأعضاء من أصحاب الحصانات الدائمة والمؤقتّة , وفي نظام يستخدم تلفيق التهم و تغلغل فيه الفساد صار دورهم كارثَة , فبدلاً من أن يقفوا بجوار منتخبيهم ويطالبوا بحقوقهم ويدفعوا أزماتهم صاروا يمررون القوانين التي تساعد على قصم الناس ويشاركون في الفساد بحمايته أو إستغلال سلطاتهم لمآرب أخرى أبعد ما تكُون عن خدمة مواطنيهم..

*..*..*..*..*

5- الجيش المصري
هو العامل المبهم الأكبر في العملية السياسية في مصْر , فتارةً تظنّ أنّه لا علاقة له بالداخل على الإطلاق و تارةً تشعر بأنّه اللاعب الأساسي في ملعب البلاد , تارة تشعر بخضوعهِ للنظّام وتارةً تجدهُ النظام ذاته ..
ولعلّ أقوى الأسلحة الفعلية لذلك الجيش هو التجنيد الإجبَاري , فرغم أن تعلّم أساليب الدفاع عن الوطن والقتال من أجله هو أعظم شرفٍ وأجل واجب , ولكن مع كلّ ما تراهُ من مهازلٍ وكوارثٍ لا يتحرّك الجيش قيد أنملة حتى لو بلغت الخسائر المليارات إلا دفاعًا عن النظام , العبّارة مثلاً حدثهَا كان دوليًا وصاحبهَا المجرم هرب خارج مصر ومصر كلّها لم تتحرّك حتّى الجيش الذي صار سلبيًا مثله مثل أي آخر في هذه البلاد لا ينفعل بإنفعالاتها ولا يتموج بتموجاتها بل لم يتحدّث ويطالب بدم أحدٍ من شهداء العبارة اللذين هم بمجموع ضحايا حرب لبنان الشرسة الأخيرة تقريبًا .
التجنيد الإجباري يتم إستغلاله أسوأ إستغلال ممكن وكذلك الجيش , وعلنّي أكتفي هنَا بنموذج صارخ هو الحرس الجمهوري , بغض النظر عن عشرات آلاف جنود الأمن المركزي – جنود أمن الدولة – والحرس الخاص لشخصيّات عامّة و هيئات حكومية داخلية ! , سنكتفي فقط بنموذج الحرس الجمهوري ..
ذلك السلاح الذي مهمتّه هي حماية أمن الرئيس , لا بأس في أن يؤمن الجيش الرئيس ولكن بكل هذا الكم من الجنود البالغين أضعاف قوم يونس , وبكل نفقاتهم ودائمًا وأبدًا ؟ في زياراته ومسيراته وخروجاته جنود متراصون لمسافة كيلو مترات , قناصّة متفرقون على الأسطح ونوافذ بيوت المسار , طائرات تؤمن وتشوّش على جميع الإتصالات في المنطقة هل بطل الضربة الجوية محتاج لكلّ هذه الحراسة المقدرّة بمئات الألوف من الآدميين ؟
عندما يتقدّم الشاب إلى التجنيد ويأتي تصنيفه إجباريًا ضمن الحرس الجمهوري , ماذا لو كان لا يعتبر أفعال الرئيس خدمات للبلاد بل فساد عظيم ؟
الحرس الجمهوري هو الأعلى سلطةً على الإطلاق في العسكرية ولا تحاسبه أو تعاقبه أي سلطة سوى من الحرس الجمهوري أيضًا وهو قاسٍ جدًا كسائر قواعد البلاد المؤمنة بأنّه على الفرد أن يتلقى أعتى الإهانات حتّى يصير ضابطًا حقيقيًا ..
هؤلاء لا رحمة في التعامل معهم وشهيد الجيش لا يُسأل عنه بل يعدّ من الأبطال وهذه حقيقة ولكن ليست إن كانت ناجمة عن سوء معاملة أو إستبداد , لدرجة قد تصل أن أحدهم إذا روى عطشه قد يعاقب بالحبس مدّة تصل إلى شهر .
عسكري الحرس الجمهوري لا بد أن يقف كحرف الألف لا إنثناءات ولا إعوجاجات ولا تحركات , تمثال من الشمع لا يتحرّك إلا عندما ينبغي له أن يتحرك , هكذا يجب أن يكُون وهكذا يصنعونهم .
في جيب كل منهم بطاقة من عدة وريقات يتم قيد الإجازات بها , صفحتها الأولى صورة السيد الرئيس وكأنه يعلن سيادته عليهم لا منبع إيمانهم بالقيام بواجبهم تجاه هذا الوطن ورئيسه .
هكذا يؤدي بعض المجندين تجنيدهم وهذا لا بأس به على أيّة حال من جهة أمن الرئيس , ولكن أن يتم حراسة مؤتمرات الحزب الوطني بالحرس الجمهوري وحراسة جمال الإبن بالحرس الجمهوري وحراسة سوزان الأم بالحرس الجمهوري وأحمد عز له ذات السلطات على الحرس الجمهوري فهذا يعني أن هؤلاء تجاوزوا قيمة الدفاع عن الوطن وصاروا مجندين لأمن أفراد بعينهم .
دعك من أن البعض يكون غير مؤهل فعلا لهذا الأمر , والبعض غير مؤهل صحيًا ورغم ذلك قد يبتلع التجنيد بعضهم .
كارثة أخرى متواجدة في أوساط التجنيد و الجيش كما هي موجودة في كوارث أخرى كثيرة وهي الوساطة , قد تجد مجندًا من الصعيد قابعًا في القاهرة بينما مجندي القاهرة في سمال سيناء , في المقابل هناك ذلك المجند المرفه الذي يكون متواجدًا في أقرب قاعدة من منزله بل وأحيانًا يبيت في منزله فعلاً وهو على ذمّة الخدمة العسكريّة ..
الوساطة كذلك قد تخدم في نقل المجنّد من ميداني صحرائي إلى مدني ذو ملابس عاديّة طبقًا لخدمته , كل هذا يتم بتصنيفات الوساطَة التي تفرّق بين جندي وآخر.
ضابط الجيش لا بد ان يكون مثالاً للإلتزام والجيش المصري شهير بكفاءاته الحقيقية , ورغم هذا فللأسف هذا الضابط محروم من حقوق أساسية أبرزها حقه في المشاركة في الحياة السياسيّة و الإدلاء بصوته في الإنتخابات والإستفتاءات والإنتماء إلى الأحزاب السياسية والترشح في مناصب شعبية ولكنه ممنوع من كل ذلك ..
مع الأسف
ممنوع أيضًا من العمل في أي شيءٍ حتى يستقيل من الجيش .

*..*..*..*..*

يتبع