Thursday, January 07, 2010

صوتي 2

صوتي 2
ما سيفعله الآخرون
فينا نحن كمصريين على وجه الخصوص وكعرب على وجه العموم صفةٌ سيئة جدًا من أكبر معوقّاتنَا , بل لا أكذب إن قلت هي آفتنا وأكبر أمراضنا , وهي ما يفعلهُ الآخرون , ولست أقصد الحسد ولا التلصص , بل أقصد نظرية الآخرين سيفعلون ..
في الدين الإسلامي يوجد مفهوم هو فرض كفاية , وهو الذي إذا قام بهِ البعض سقط عن الباقين ولكنّه هنا تكليف رباني كصلاة العيد مثلاً , على الصعيد الإجتماعي هو ما دامت ماسورة المجاري مثلا قد تلفت وأصلحها أحد المهندسين فلا شيء فيها أما إذا لم يتم الإصلاح فجميع المختصين مذنبون !
ماذا لو أن الشكبة بأكملها تالفة ؟ سيتكاتف المهندسون جميعًا ويعملون في جلد وصمت حتى يتموا مهمتهم , هذهِ هي الصورة المنطقية للأمر لكن أن تتلف كل الشبكة و معظم المهندسون غافلون فهذا جرم لا شك فيه وذنب لا جدال عليه .
هذا ما آلت إليه مصر , شبكة مجاري ضخمة غفل عنهَا مهندسوهَا فطفحت عليهم ووصلت إلى صدورهم وقريبًا إلى أعناقهم حتى تغرقهم جميعًا داخلهَا وهم في غفلة من أمرهم أصابهم البرود والجمُود , والكساد والفساد , وهم لا يرون ولا يبصرون أسفل أقدامهم وينتظرون فقط ان تمر تلك اللحظة التي يعيشونها وهم ما زالوا أحياء ولو كانوا بلا اي حقوق .
حضرت عددًا من الأحداث وتابعت بعض الإضرابات وشاهدت عددًا من المؤتمرات , وفي كل مرة النتيجة واحدة , الفشَل , إضرابات في المصانع من العمال , إضراب من خبراء وزارة العدل , إضرابات الصيادلة , الأطباء , المعلمين , الطوائف المختلفة , أهالي القرى والمدن , وكل هذهِ الإضرابات كانت تفشل رغم أنّها تصب في الصالح العام للجميع في ذلك المحيط ..
يبقى السؤال هنَا , لماذا يفشلْ كل هذَا ؟ , لأن الجميع غير مؤمنون بالقضية , بل هنَاك من هو حريص على إستمرار الوضع لضمان منفعته الشخصية , و هذا مبرر ولكنه لا يبرر تلبية أهداف الإضراب السلمي إن كانت عادلة , فلماذا لا يتم ذلك ؟
لأن الطالبين لحقوقهم من المتضررين يكونون دائمًا قلائل , يذبحهم إخوانهم بسكين باردَة لأنهم يخشون مواجهة العقاب أو الردع ويكتفون بما هم عليه , ومنهم من لا يعبأ بشيء اصلاً , ومنهم من يشاهدون أبطال التمرد في إعجاب وينتظرون أن ينتصروا أو يهزموا دون أن يخسر المشاهدون شيئًا رغمَ أنّهم من المتضررين .
هؤلاء المشاهدين والكسولين والعازفين عن المشاركة , جميعهم بإنتظار أن يفعل أحرارهم ما لم يفعلوه هم , إذا نالوا شيئًا فسننال معهم وإذا عوقبوا فلن نعاقب , هذهِ هي نظرتهم وهم يرون انفسهم بلا قوة , وبالتأكيد تكون الأصوات أضعف من اللازم ويبرر الرؤساء وتنقل الصحف أنهم جاحدين لأن هناك الكثيرين يعملون في صمت وراضون وهكذا يهدي النظام لنَا " إستمارات 6 " الواحدة تلو الأخرى.
ربما يكون في الإعتراض شيئًا من المجازفة في ظل نظمنَا القمعيّة وهذا مفهوم , ولكن إذا كانت وسيلة التغيير هي التصويت والإنتخاب فلماذا نكتفي بأن الآخرين سوف يفعلون وصوتي لا فارق به ولا أهمية له , الجميع يقول هذا والنتيجة أنّه لا أحد يذهب !
هل يستطيع أحد أن يمنعك من هذا الحق الذي يتشدقون بهِ ويزعمون على أساسه كل مزاعمهم عن الحرية , تفرّط أنتَ فيه عزيزي الكسول بكامل إرادتك وأنت مرتاح الضمير , بل أنت قد تعرف بالأمر وتحيط به وتقاطع عملية الإنتخاب عامدًا متعمدًا وكأنك توقن بدورك كتابعٍ لأي شخصٍ قادم .
قل لي أن هذا لن يمثل أي فارق لأنك تعرف النتيجة مسبقًا أقل لك الفارق في الحالتين ..
في الحالة الأولى حين تهمل الأمر وتقاطعه فقد فاز بإنتخابات صحيحة نتيجة سياسات قمعه وفساده التي فعلت بك ذلك , أما حين تذهب وتدلي بصوتك ويتم تزويره فهو مجرم صار حاكمًا بالتزوير , وسنظل نطلب محاكمته والمطالبة بحرياتنا التي ستفضح تزويره ..
أقول لك شيئًا
لماذا أقول هذا ؟ لا فارق في أي شيء ..
دعك من هذا الهراء وارجوك لا تستخرج بطاقتك ولا تدلي بصوتك ودعها تسير كما هيَ فربّما أكرمنا الله بقرار ضرائب على ملابسنَا الداخلية أو تقديم إقرارت عن عدد بلاطات الأرض وربما أكرمنَا الله بقرار بناء جدار عازل حول 6 اكتوبر و تشويه مصر أكثر من ذلك بكثير !

1 Comment:

الأيوبى said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....أما بعد...كيف حالك ياأستاذ طارق؟ فقدأعجبنى حقا العدد الأول من سلسلة (كوارث) ومنه توصلت الى عنوان مدونتكم الرائعة وأضفتها بالفعل الى قائمة المدونات التى أتابعها عبر مدونتى المتواضعة(قادمون...من أجل اسلامنا)ويشرفنى أن تزورها وتقيمها .(kadmon1.blogspot.com) على