Monday, March 07, 2011

نجمة ذهبيّة على الكتِف !

مرحبًا , قبل قراءة القصة التي يحمل عنوان الموضوع إسمها فقط أرغب بتنبيه الأصدقاء والقراء من طنطا إلى أنني حاليًا أتولى - متطوعًا- منسق الإتصال العام بغرفة عمليات طنطا والغربية ولمن شاء التطوع في أي من أعمال ( المشروعات السياسية كمدرسة الكادر - و إدارة تلقي الشكاوي - التثقيف السياسي وغيرها أو المشروعات الخيرية كالتنظيف والتشجير والغذاء والكساء والدواء وكذلك مشروع التطوع في الحرس الجامعي لجامعة طنطا والكليات الموجودة بالغربية وغيرها )الإتصال بي عبر البريد الإلكتروني التالي : tarekpen2000@gmail.com

أو على الهاتف : 0115874041

إضافة إلى منسق عام آخر للإدارة والتنظيم هو أسامة غزال وهاتفه رقم : 0108707648

وبتنسيق عام د. مصطفى عكر الأستاذ بطب طنطا والناشط السياسي

الآن إلى القصة

نجمة ذهبية على الكتِف

وقفَ في الشرفة ينظرُ إلى الحشود الثائرة وهو يهز رأسه في عدم رضا, شعر بالغضب يعصف به وهو يسمع الهتافَات التي بدَا أنها لن تنتهي أبدًا ..

الشعب يُريد إسقاط النظّام !

إنهم يتحدون الرئيس وحاشيته بل يتحدونه هو شخصيًا هو ومن مثله , في آخر إجتماعٍ لهم هاله غضبُ وزير الداخلية الذي لم يرَ مثله من قبْل , حتّى أنّه رأى وزير الداخلية الذي مهمتّه الرئيسية حماية الناس يأمر بإطلاق النار على الناس !,بعض زملاءه عادوا من الإجتماع إلى منازلهم ولم يخرجوا منها, هؤلاء حمقى باعوه وباعوا رفاقهم اللذين سينفذون الأوامر حتى النهاية

لا أحد منهم يلاحظه ولا يبدو أن الوضع سيهدأ الآن , وظيفته هي إثارة أكبر قدرٍ من الفوضى , سيغدو الإستقرار بالنسبة لهؤلاء حلمًا لن يحققوه , ثائرون ضد الفساد وهم لا يدركون حجمه الحقيقي , هؤلاء يثورون ضد أنفسهم وهم لا يعلمون .

يمسك بسلاحه سلايع الطلقات والذي تسع خزانته أكثر من ثلاثين رصاصة , ينظر إلى الحشود محاولاً الوصول إلى أشجع المتظاهرين وأقواهم وأغناهم وأجملهم , يرفع سلاحه ويضرب عددًا من الرصاصات , تصيب الأولى هدفها بينما تتبعها البقية في عشوائية .

يرى العشرات يسقطون فجأة ويلمح بعضًا من زملاءه يمارسون ذات هوايته الحالية , لقد سقطَ حتّى هذه اللحظة ألف شهيد والإعلام يعلنهم مائة , لن يعرف الناس الحقيقة أبدًا ولن تعلن جهة عدد الضحايا الحقيقيين مهما بلغت نزاهتها .

يعيد حشو سلاحه بالذخيرة قبل أن يصوبه ويطلق مرةً أخرى , يرى بعض الناس ينظرون إلى حيث يقف ثم يتجهون إلى العمارة التي يقف بأحد طوابقها , أحدهم كان يحمل طفلاً صغيرًا , إنتزع روحه برصاصة موجهة قبل أن يحمل سلاحه ويسرع بالفرار.

يفتح باب الشقة في سرعة فيسمع صوت أقدام الثوار تنهب السلالم من أجله , يستبد به الفزع ويهرب إلى سطح العمارة كفأر مذعور يحشر نفسه بين خزانين كبيرين للمياه , يسمع صوت الثوار وقد وصولوا إليه :

- ابن الكلب ده راح فين ؟

- لازم يخرج , لازم نقتله , شوفوه مستخبي فين , ولو عند جيرانه !

يرتجف كعصفور مبتل ثم تبدأ الثقة في العودة إليه رويدًا رويدًا وهو يسمع الأقدام تتراجع وصوت يقول :

- احنا اندفعنا , ممكن يكون خلع , تعالوا نشوفه تحت تاني !

قبع في مكانه للحظات حتى إنعدمت الأصوات من حوله , ثم نهض حذرًا وهو يتجه إلى أسفل , نزع قميصة ليظهر من تحته رداء شبابي خفيف لا يليق بشعره الأبيض وشاربه الكث , أكمل هبوطه في حذر حتى خرج من باب العمارة وإلتحم بالثوار كأنه منهم , سار ببطء شديد صنعه الإزدحام وهو يحاول الإبتعاد .

يسير حتى يخرج من تكتلات الثوار , يصل إلى سيارته التي تركها بعيدًا, يركبها ويديرها وفي راسه تدور فكرة شيطانية , ينحرف بالسيارة وينطلق مسرعًا إلى صفوف الثوار مخترقًا غياها مصطدمًا بالأجساد والأجزاء قبل أن يدور بالسيارة وسط الثوار ويبتعد من حيث أتى وهو يزيح كل من بطريقه .

الدماء تتناثر في كل مكان , لم يكن هناك سلاح بيدِ أي ثائر , بل خرجوا يتمنون أن ينتهي كل شيء بسلام , ولكن القائمين على حمايتهم اللذين ثاروا ضدهم أشاعوا الفوضى ليتوهم الناس أنهم لن يستطيعوا السيطرة على البلاد بدون من ثاروا ضدهم.

بعد أن إبتعد عن الثوار بمسافة كافية بحث عن مكان ليترك سيارته فيه , وجدَ مكانًا شاغرًا إلى يساره أخيرًا فأوقف سيارته هناك , ولم يكد يترجل منها حتى رأى مجموعة من الناس يعدون نحوه ويحيطون به , حاول الفهم ولكنهم لم يمهلوه .

صفعهُ كثيرون على قفاه ووجهه , ركله كثيرون في كرشه ومؤخرته , سالت دماء كثيرة من أنفه وأصيب بإصابات جسدية عديدة , كان الناس يسمعون صراخه فيزيدون من قوة الضرب , أخيرًا خلصته مجموعة عاقلة من الناس وصنعت حائطًا حوله , جرجروه من قفاه وألصقوا وجهه بمقدمة السيارة وأحدهم يقول :

- كل الدم اللي على العربية ده بتاع مين يا ابن الكلب , انتا كنت بتعمل ايه ؟!

كانت الدماء تلوث كل أنحاء السيارة , دماء قد تكون كل قطرة منها من شخص مختلف .

إقتاده الناس في عنف وهم يدفعونه تارة ويجرجرونه أخرى , حتى وصلوا إلى وحدة عسكرية مصغرة في منطقتهم تابعة للجيش, سلمه الناس إلى نقيب شاب من الجيش, إستلمه وهو ينظر إليه بإحتقار شديد قبل أن يربط يديه وقدميه بحبال كالنعاج ويتسلم سيارته المضرجة بالدماء ويتركها أمام المعسكر قبل أن يشكر الناس ويؤكد على ضرورة يقظتهم .

كم قتل من الناس ؟ لا يعلم بالتحديد ولكنه يعلم أنهم إذا عرفوا ما فعله فسيقتلونه على الفور , لا أحد سيعلم , سيقول أنه كان حادثًا بسبب الذعر , سيعرف نقيب الجيش أنه ضابط كبير بوزارة الداخلية ولن يستطيع أن يفعل معهُ أي شيء , سيقول أنهم كانوا بلطجية هاجموه وأنه كان بطلاً إذ واجههم .

لا يسترسل في أفكاره فلم تمر ساعة حتى كان النقيب الشاب يأمره بالنهوض بعد أن مزق رباط قدميه , يسير معه ويقتاده إلى سيارة للجيش قابعة أمام الوحدة .

يركب إلى جواره في الأريكة الخلفية فينطلق السائق , طيلة خمس دقاءق كاملة لم يتبادلا حرفًا قبل أن يقول النقيب الشاب فجأة :

- انا عارف كويس انتا مين , وعملت ايه , ولو الموضوع بايدي كنت ولعت فيك وانتا صاحي

يبتلع الكبير لعابه قبل أن تنبسط أساريره وهو يسمع النقيب الشاب يقول وهو يقطع رباط يديه :

- إنزل من العربية حالاً !

يتساءل الكبير لأول مرة بصوت مسموع :

- مش هتقف ؟

ينظر إليه الضابط الشاب قبل أن يقول بصرامة وهو يعيد بصره إلى الطريق :

- لأ !

يزداد خوفه من الشاب قبل أن يشعر أن السيارة هدأت من سرعتها فراقب الطريق قبل أن يفتح الباب ويلقي بنفسه منه , تدحرج جسده على الأرض باعثًا آلامًا جديدة ومفجرًا آلامه التي هدأت وإن لم يمض عليها الكثير , يتمالك جسده وينهض عن الأرض وهو يعرف أنه كتبت له حياة جديدة , ينظر حوله غير مصدّق أنه أفلت من الأهوال التي كانت تحدق به , ضرب الثوار ومحاكمة العسكريين وتجريده من وظيفته ومكانته ..

يسير قليلاً وهو يجر أقدامه , يجلس على أول مقهى يجده ما زال يعمل في هذه الظروف , يفكر في كيفية الإنتقام وقد بدا أن هذا هو شاغله الأكبر , يطلب زجاجة من الماء تأتيه سريعًا فيشربها كلها , يأمر الساعي بإحضار كوب من الشاي يشربه قبل أن يرمق ثيابه الممزقة فينهض متجهًا إلى منزله .

يبدل ملابسه ويلتقط سلاحًا آخر من خزانته , يهبط ويستقل سيارة قديمة له لم يستعملها منذ زمن, إنطلق يسير بها في الشوارع التي إنعدم منها الأمن وكلما لمح مارًا على البعد أخرج سلاحه وأطلق النار..

لا يعرف كم شخصًا سقط , ولا كم إصابة خلّفها , كل ما كان يعرفه , أنه لا يريد رؤية شيء .. سوى الدماء

***

بعد شهر من نجاح الثوار , بدءوا يبحثون عن الفاسدين, لم ينس أن ينضم إليهم في البحث وهو يسب الضباط غير المحترمين اللذين أطلقوا الرصاص على الناس, سبهم وأعرب عن غيظه الكبير منهم وبكى تأثرًا من أجل من ماتوا على أيديهم ..

كرمّه الثوار وهو يربت على كرشه الضخم في فخر ويتحسس رتبته الجديدة والتي زادت نجمة ذهبية على كتفِه

طارق عميرة

28/2/2011