Thursday, July 31, 2008

دستور الدمع again

آسف , موضوع النهارده قديم شوية فكرت أعرضه تاني عشان فكرني بيه شخص من القراء واني لما كتبته كأني بأكتب نبوءة لسه عايش فيها

ده خواطر .. بالنسبة للضيوف الجدد فهما تقريبًا ما قروش ليا خواطر لسه .. عشان كده قلت أبعث الحياة في الموضوع ده , اللى عايز يقرالي خواطر تانيه واعتقد انه مش هيضيع وقته ففي الغريب .. ده كانت اول خواطري ونشرت في بص وطل في زمن قياسي وفيه تباريح محب .

2 - على سر الكلام تم عرض قصتان مميزتان لكاتبين مميزين .. همم اللى عايز يقراهم يضغط على كلمة قصتان

3- عايز كمان اقول لمحبي كتاباتي الساخرة انه تم اطلاق حكايات المهز لدين الله على مدونة اللي اختشوا ماتوا


دستور الدمع

طارق عميرة


الدمعة الأولى :-
من أجلها ..
من أجل آلامها ..
من أجل أحزانها ..
على دموعها السائلة لأى سبب كان ..
ولو على حبيب غيري ..
ولو كان تألمها من ابتعاده ..
ولو كان حزنها من تجاهله لها .
.ولو كانت دموعها مقترنة بدفئه ..
سببها هى ..
همساتها التى لا يسمعها سواى ..
أتراحها التى لا يلمحها غيري ..
بينما تخبئها هى فى غياهب قلبها وعقلها ..
حيث لا يستطيع أحد الوصول الى هناك ..
الا أنا ..
الدمعة الأولى ..
من اجل تبلدك وجمودك .
.وذهولك وشرودك ..
ونذالته الدائمة معك حتى ليتفطر قلبي ..
على جوهرة لم يدرك واجدها قيمتها النفيسة ..
وبريقها الأخاذ الذى لا يحمله اثنين ..
من أجل زهورها الذابلة التى نسيت رويها.
.من أجل فساتينها الماسية التى تمزق أحدها ..
كلما اكتشفت دناوته يومًا بعد يوم ..
من أجل أنفاسها التى مزقها المرض ..
وأثقلها الربو ..
صدرها الذى تتعثر أنفاسه ..
من أجل رقتها الزائدة فى عالم لا يستسيغ فتنة الضعف..
الدمعة الأولى ..من أجل دواوين الأشعار التى تمزقها ..
وقطرات المطر التى تعذبها ..
وأمواج الخليج .. التى تثيرها ..
الدمعة الأولى ..
دائمًا ..
من أجلها !
الدمعة الثانية :-
من أجلها أيضًا ..
ومن أجلى ..
طيفها الذى يحكمنى دائما وكأنه أبدى لا نهاية له ..
حبها الذى يشجينى دائمًا وكأنه أزلى لا بدايه له .
.ذكرياتها التى لا تنفك تملأ وحدتى .
.تطغى على سمائي وتحتل بري .
.الشمعة التى كلما ظننت أنها تخبو ..
وجدتها قد اشتعلت أ كثر مما كانت ..
من أجل نهر الحب الذى فاض عندما لم يجد له مصبا..
فاض منحصرا بين الشاطئين ..
لا يجرؤ على الخروج ..
ولا يستطيع أن يضغط نفسه ليظل حبيسًا دائما ..
الدمعة الثانية ..
من أجل آلام القلب ..
قطرة سائلة على وجنتى تعبر عن بحر قطرات الدماء بقلبي ..
قلب يبكى ..
ووجه يبكى ..
على الزهور التى لا يستطيع اهدائها لك ..
وعلى الكلمات التى لا يستطيع حكيها لك ..
والأشياء التى حرم الاستمتاع بها لأنها تنقصكمن أجل السأم ..
الذى عاناه من كثرة التفكير فى كيفية الوصول اليك ..
أو الحصول عليك ..
الدمعة الثانية ..
تنزف من عين حزينة ..
لجسد بين الممات والحياة ..
فيكفى بعدك عنه ..
لا أنت بالقريبة فتعود روحه اليه ليحيا ..
ولا أنت بالميتة فتتحرر روحه ويموت ويستريح.
.بل أنت هنا ..
ولكن بعيده !
الدمعة الثالثة :-
من أجل أيام الصبا .
.أيام الطفولة التى انقضت ..
أيام الطفولة التى لن تعود أبدًا ..
لن تلعب مع أصدقائك مرة أخرى دون هم يملؤك ..
لن تلعب معهم دون أن يكون تفكيرك منحسرًا فقط فى ألعاب اليوم التالى ..
لن تجد العواطف الفطرية البريئة مرة أخرى ..
أيام الصبا ..
أيام الطفولة .
.أيام المهد ..
الادراك الصغير ..
هو ذاته الادراك السليم ..
حتى القتل وهو أكبر الموبقات ..
لو فعلت فلأنك لا تدرك أنه قتل ..
بل لأنك رأيت من يقتل وظننته بريئًا مثلك ..فقتلت !
..الدمعة الثالثة ..
على هذا العالم الساحر ..
الذى تدفعك الحياة البغيضة لتجاوزه سريعًا
..دون أن تشعر بروعته ..
دون أن تشعر بلذته ..
دون أن تشعر كم أنت أحمق لأنك تود أن تنمو سريعًا !
أيام الصبا ..
لا ذكريات ..
هذه الأيام ستكون هى أصل الذكريات فيما بعد ..
وكقاعدة ..لا ذكريات سارة .
.لهذا ستتذكر صباك وأنت تتحسر أنك لم تستمتع به لأطول فترة ..
وأنت تلغ شهواتك التى أفقدتك بريقك.
.وبرائتك !
أيام الصبا ..
وعبق الماضى المحبب ألعاب الأطفال التى لا تجرؤ على امساك أحدها ..
والا اتهمك الآخرون بالجنون ..
ستتحسر كما أتحسر ..
كلما تتذكر أنه فى أيام صباك ..
لم تسرق وأنت تعلم أنك تسرق ..
لم تضرب وأنت تعرف أنك تقسو ..
ستتحسر عندما تعرف.
.أن أيام الصبا ..
لن تعود أبدًا ..
ولكنك فى سرك ستظل تقول أبدًا .
.أيام الصبا ..
ليتها تعود ..
الدمعة الرابعة :-
على الوطن !
وألف آه من الوطن !
الوطن الذى لم يعد وطنًا.
.على كل ركن مشتت من بقاعه ..
على كل غريب فى أرض الوطن !
غريب مثلى ..
لا يعرف له وطنًا غير هذا الوطن ..
ولا يجد له وطنًا فى هذا الوطن ..
لم يعد الأقارب أقارب ..
لم يعد التراب تراب ..
لم يعد أخى .. هو أخى الذى كنت ألعب معه ونحن صغار
الدمعة الرابعة
على الوطن الذى فتح مصراعيه للوحوش ..
على الوطن الواحد الذى تفرقت عناصره..
وصار تجمعه من جديد حلمًا جميلاً لذيذًا ..
حلمًا تتغنى به أفواه المطربين الذين لا يدركون ما يغنون
ولو أدركوا ..لما استطاعوا الحياة ولا تقبلوها ..
حلمًا يطالب به المفكرون ويتحسرون ..
ولو عزموا ..لفعلوا ما يحلمون به دون أن يقولوه !
الدمعة الرابعة ..
على الصمت المخيم على جمع الشعوب..
على الذل الذي يرتضونه
والقهر الذى أدمنوه..
والحرية الحقيقية التى افتقدوها فصارت حلمًا ..
عسير المنال على عقولهم المتواضعة !
الدمعة الرابعة ..
على وطنى الذى ينهب!
الدمعة الخامسة :-
على الدين والعقيدة !
على المدعين الذين انتسبوا اليه وعظمهم الحمقى ..
فقد ليدسوا كل ما يوافق أهواءهم ويفرق دعاة الحق ..
ليفتوا بما حرم الله بالحل فيضلوا عباده..
وما أحل الله بالحرمة ..
ليبعدوا عباده عن الدين الحق !
وليغرق العبدة فى سيل من الضلال لا يعرفون ايها حق ..
الدمعة الخامسة ..
على الذين أساؤوا لديننا وهم بهذا يظنون أنهم يحسنون اليه
على الذين حرموا كل شيء !
ويحسبون أنهم بهذا يتقون الشبهات ..
على الذين ألغوا نصف مبادىء الدين فى السياسة ..
وعلى الذين ألغوا كل مبادىء السياسة فى الدين ..
الدمعة الخامسة
على الذين اوقفوا الدين واجتهاده عند حد معين ..
وأكبروا السابقين فمحوا الأحداث ..
على الدين الذى فسد !
الدمعة السادسة :-
على خطاياى ..
التى صارت تعدل بحرًا كاملاً يفوق المحيطات مجتمعة ..
على أعمالى السوداء ..
التى أخشى أن لا ينفذ لى بصيص نور من جدارها ..
على ذنوبي الكثيرة..
التى طغت على حسناتى القليلة !
الدمعة السادسة
على الحياة التى ضاعت بغير فائدة ..
والعمر الذى ولى ولن يعود
حتى استعيض عما أحدثت فيه..
على حياتى المعلقة ..
فلا أعرف طريق الاستقامة ..
ولا لذة الانحراف ّ!
!وحتى حين نستقيم ..
نستقيم يومًا..
ونعرض مائة !
اللعنة على ابليس!
الدمعة السادسة ..
على الذى فعلته ..
الذى جنيته ..
فعلت شرًا
فلم أحصد الا شرًا
ولن أحصد الا شرًا !
وسأموت وأحاسب حساب الاشرار..
وعندها لن أجد ذريعة أتقدم بها لأنال حتى الرحمة ..
" إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون "..حقًا!
الدمعة السادسة
على عمرى

الدمعة السابعة :-
لن تكون هذه من عيناى ..
ستكون من عين تبكينى ..
وربما تسيل لتهبط على جثتى !!
انتهى !

Sunday, July 27, 2008

الأرجوحة


الجولة الأولى من المناظرة بيني وبين الأديبة السعودية يوضى سناها , كانت الفكرة هي :
الأرجوحة
هادئ هذا المكان
لم يتغير فيه شيء ،حتى تلك الأرجوحة
ظلت في مكانها
تتمايل مع تيارات الهواء العابرة،،
كم من ذكرى احتملتها على مر الأيام
يخيّل إليك أنك ترى أطيافهم حولها
تكاد تنطق
تقترب أكثر ..و أكثر ..
المغربية سكينة حمدون
وكان العمل المطلوب هو قصة قصيرة .
عرضت القصتين في صورة نصين دون كتابة اسم صاحب كل قصة عليها , حتى لا تتهمنا الأمم المتحدة بالتحيز , ستعرفون من كتب ماذا في التعليق الأخير

الأرجوحَة

(النص الأول )

الباب المتهدّم للقصر القديم ما زال يحملُ فراغًا يمكنني المرور منه , وإن كانت الأرض تعلوها بعض الحجارة التي ستتعثّر حقائبِي فيهَا حتمًا , أتجاوز الباب الأول بمعاونة سائقِي العجوز الذي يسير حاملاًُ كبرى حقائبي , وضعت الحقيبتين اللتين أحملهما أرضًا وشرعت أقلب بين المفاتيح بحثًا عن مفتاح قفل الباب الحديدي الداخلي للقصر , فتحت القفل وبحثت عن مفتاح باب القصر ذاته حتّى لا أعيد الكرّة أمامه .

الحديقة تكاد تكون متيبسة الا من بعض الخضرة التي صنعتها الطبيعة تتناثر في أنحاءها , أدخل إلى القصر , تمامًا كما تركته باستثناء تغير اللون , الأتربة صارت تغزو كل شيء محولة لونه إلى الباهت ,صورة جدي التركي في الإطار , فراش أبي رحمهُ الله , مقاعد غرفة الجلوس , الجرامافون العتيق الذي كف عن إصدار الأصوات منذ أعوام , حتّى ارجوحتي في الشرفة كانت تعلوها أكوامٌ من الأتربة رغم أنّها معرضّة للهواء .أمرت السائق بالخروج وأغلقت الباب خلفه , ونزعت ثيابي عدَا قميص النوم وشرعت في التنظيف , أكوام من الأتربة تأتي من كل مكان , قديمًا كان لدينَا الكثير من الخدم فلم تكن هناك ذرّة غبار , الآن أعود أنا وازيل غبار عشرات الأعوام .

أشعر بالاختناق فأفتح جميع النوافذ لتقوم بهضم كل هذه الأتربة الطائرة , وأتجه لتنظيف الشرفة واسترداد بعض الأنفاس النظيفة منها , كانت الأرجوحةُ معلقة هناك , نظفت المقاعد في سرعة , ثم الأرجوحة بحديدها الصلب الانجليزي العتيق وطلاؤها الأزرق الذي تآكل معظمه وأخفت الأتربة ما تبقى منه فبدا باهتًا , وما كدت أنتهي من تنظيف الشرفة حتّى جلست إلى أحد المقاعد هناك , لألتقط أنفاسي منذ أتيت من عناء السفر والتنظيف .

تأملت الأرجوحة قليلاً معجبةً بعملي ولمعان صلبها الظاهر بعدما تآكل طلاؤه , الهواء النظيف يتسلل إلى أنفي , أشعر بخدر يسري في عروقي وحاجه إلى إغلاق عينيّ لبعض الوقت ..لأسبح في النوم , ربما فيض من الذكريات كذلك .حينَ كنت صغيرة , في الأعوام الأولى في إدراكي , ما أحلى الرسم .., الدمية , الأرجوحَة !

الأرجوحة , قضيت سنوات طويلة عبرهَا , أرتفع وأنخفض , أتطلّع عبر سور الشرفة إلى الحديقة وأتأمل الفاكهة الناضجة على الأشجار قبل أن تأخذني الأرجوحة لأسفل مرّة أخرى ثم تعاود الكرّة .

صفعة على وجهي وصوت أمي توبخني :

- ألم أقل لك أن تتركي هذه الأرجوحة المشئومة الآن؟

صوتهَا في أحيانٍ أخرى حينَ تكون راضية :

- لماذا لا تلعبين على أرجوحتك ؟ , أتودين بلعبة الأخرى؟

أجيب في إصرارٍ أكيد :

- كلا

أخي يركلني ويسقطني أرضًا ويجعلني أبكي حتى يلعب بهَا قليلاً , كانت لديه أرجوحة وأسقطها لكنّها لم تكن قوية كأرجوحتي ,ظلّت هي لعبتي الأثيرَة حتّى صار عمري ستّة عشر عامًا لأن انضباط جسدي عليهَا بعد هذَا كان ضربًا من المستحيل , كنت عادةً أسقط على رأسي للأمَام أو أصطدم بأي شيء .

لهذهِ الأرجوحَة ذكريات أليمة ايضًا ليس الصفع بأكبرها , سقطت في إحدى المرات فاصطدمت ذراعي بساق أحد المقاعد , ما زال ساعدي يحمل آثارًا لجرح حتّى الآن .

أتذكر ابي وهو يدفعني في المرّة الأولى معلمًا إياي كيف أحفظ توازني , أبي هو من ثبّت لي هذهِ الأرجوحة ومن يومهَا ولم تسقط قط .حتّى ابنتي التي تزوجّت الآن كانت تفضّل هذهِ الأرجوحة في سنوات طفولتها الأولى على أي شيء آخر , كنت أشعر بنوعٍ من الحنين كلّما رأيت ابنتي تمتطيها , أتذكّر أشياء كثيرَة .

هناك ورقة ظلّت مخبأة في ثنايَا هذهِ الأرجوحَة , كان زوجهَا ما زال مراهقًا يحلم بأن تبادلهُ الحب فقط , ولم تخرج هذه الورقة من موضعهَا إلا بعد زواجهما بعد سبعةِ أعوام .

زوجي كان يكره تعلّق ابنتي بهذهِ الأرجوحة في صغرهَا , لهذا كان يلومهَا كثيرًا وفي كل مرة كنت ألتزم الصمت وأنا أتذكر توبيخ أمّي لي وأتذكّر انّني حتّى الآن لا أدري أكانت مصيبة فيه أم مخطئة ؟

هذهِ الأرجوحَة ..كانَت سجنِي الأول والثاني أيضًا حين صعدت إليها وحدي للمرّة الأولى , بدأت في التأرجح ولم أستطع التوقف , كنت أبكي هلعًا حتّى أتت أمي لتخلصني ,وحينَ اكتشفت كذلك أن لهذهِ الأرجوحَة حدًا لا تعلو عنه وإلا اصطدمت بالسقف , لماذا لا تدور بحريّة ؟

هل ستلعب حفيدتي على ذاتِ الأرجوحَة ؟

أفقت من ذكرياتي وفتّحت عيناي , تأملت الأرجوحَة قليلاً ونهضت , اتجهت لأمسك بجنزيرها الصلب ولم أكد أريح ردفي عليهَا , حتّى سقطت أخيرًا بعد كل هذهِ الاعوام .
(النص الثاني )
أتأرجح و كأن تسارعي سيبطئ تأكسد الجروح أو أن نديَّ جروح الماضي سيهربُ عن الأرضِ للسماء عبر أرجوحة..
حتى لا تطاله يدُ الزمن فتنهضَ به فتياً لكنَ جرحه قد بلغَ سن الانفصام، فما يعود يقيسُ نفسه إلا بسن الشرخ، يقسمُ نفسهُ بين طرفي جرحٍ إلى شخصين .. هارباً من قناعاته لحظة ألم....]
××
اركبها و أتأرجح ..
و كأنني أمارس طقساً صوفياً مشحوناً بالتأمل، أشعرُ بالرهبة !
و كأن أطياف الماضي تحومُ حول المكان و يغص بها، توحي إلي بالكتابة ..
أهذه أمزجة الأماكن الصارخة التي وصفها العرب خطأً بتلبس الجن للشعّار ؟
.
و بينما كنتُ أرفع قدمي و أحاول اختراق السماء برمح ساقيّ وجدته بغتة ً بموازاة ظلي ...
يركبها يرفعُ قدميه ..و يطير!
.
و كأنه يعالجُ جروحه بالهرب، لفحاتُ الهواء الباردة في فلق الضحى و غمرة أشعتها تخدرهُ قليلاً ..
و تعطيه إحساساً كاذباً بالحرية ، لا حرية الوطن أو العرق أو التملص من القوانين ..
بل حرية الروح لحظة انعتاق الجسد من آلام الحياة !
لحظة ضئيلة في طفولته و على نفس الأرجوحة ظهرت كما لو أن تلك الأرجوحة لم تكن سوى جهاز كشف عن الكذب .. يشخّص الجرح بدقة جارحة .. و يكشفه عهراً بكل بذاءة ..
ربما أعطته الأرجوحة خيط بداية للهروب، معنىً للوهلة الأولى، يتلمسُ ضوءه كسجينٍ في حفرة مغلقة يرى ومضات النور ..
شكلت لهُ طيفَ النجاة بسكراتِ الزيغ .. و لحظات النشوة !
ذاك الدوار المحبب، تلك الدوخة التي تدور فيه حلقات حلقات .. حتى ينسى..
بيدَ أنها شكلته يوماً كما أراه الآن، رقيقاً أضعف من أن يواجه حقيقته دون كأسٍ من الخمرة و سيجارة صغيرة أشمٌ نفثاتها كما أشمُ المشكلة حينما تدقُ بابه ....
اقتربُ أكثر، أدس أنفي و أتلمسُ ثلمَ الذاكرة
××
[ كانت صغيرة جداً ..
و كنتُ ارفعها رغمَ توبيخ أمي التي ترن نغمة صوتها في أذني " سوف تتمزق عضلات بطنك !!! "
ولكنني أريدُ أن أأُرجحها بيدي هاتين ..
قامتها القصيرة تقصرُ عن قامتي بثلاث سنتيمترات .. و أنا بحكم الثلاث سنتيمترات عينتُ نفسي أخوها و أبوها و صديقها ..!
و مزقت عضلات بطني و لم أعد أحملها برفق و تؤدة لأُلاعبها ...
بل تخطت طول حملي، و تخطيت جرح عضلاتي
لكن جرح القلب ضل ملتهباً..
فـ لله درك يا سنتيمتراتها الستون! ]
.
أضم حبلي أرجوحتي، و أهادنك: ربما آتي من المستقبل و أطير في اتجاه غير اتجاهك .. ولكنني أندمج فيك ..
أما تشعر بي ألامس شغاف طيفك عبر أرجوحتك .. و أرسمها ببقايا أنوثتي صورةً بين أثرِ افتراقنا حينما نتقاطع كبندولي ساعة ؟
.
أتعرفُ بمَ شعرتْ حينما توقفتَ عن حملِ سنتيمتراتها الستين؟
تساءلتْ كثيراً لماذا، و بكتْ أكثر و هي تضربك غضباً ..
هل رأيتَ قبضتها الصغيرة على خصرك عندما وقفت أمام طاولة التنس و هي ترفض أن تتركك
و ظللتَ تنهرها ؟
أتعرف لمَ كانت تطوقك؟
كانت تحاول حملك!
تحاول فك لعنة حملك لها التي لم يبدُ أنها ستحل أبداً !
××
[ هناك وقفتُ على طلل منزلنا ..
و لثمتُ طفولتي...
كانوا يلاحقون نظرتي عبر الجدران و الثقوب ..
ولكنني كنتُ أبتعدُ عن غرفهم المغلقة على المكائد النسائية ..
و العيون المترصدة لأقل خطأ لتتبعك توبيخات الكبار التي لم تستطع أن تطال أبويك فرشقتك..
أليس ضعفاً أن تلدغَ طفلاً بسمِ الكلام؟
ثمَ تنظره ليتحسرَ على فراق جوك الموبوء فيتحسرُ من كل الذكرى ....على أرجوحة !!]
××
أيزعجك أن أفتق الجروح المتقيحة ؟
التي أغلقتها قهراً دون تضميد .. على جرفِ طفولة؟
أتخابثُ استنتاجاً لأعرفَ ذاك الرجل لحظة تكونه..
××
[ ولكنني تركتهُ هناك طفلاً صغيراً ..
إن أردتي التقافه و حمله على الاعتراف لك بحد قلمك فإليك طفلي ..
ولكنه، لن يكون يوماً إلا نصف الحقيقة ..
نصفَ العمرْ..
و ما يمكن أن تكشفه أرجوحتي ليس إلا نصف الشرخ .. نصفَ عفتي ..
نصفَ خطيئتي ..
نصفٌ تام الانعتاق، نصفٌ ما عدت أعرفه الآن...
نصفٌ لن يلئمَ طرفيه عبثك بأرجوحة..! ]
××
قلّ لي لماذا إذن تتقاذف أخيلتك مزاجي، و أموج في بحرٍ من الأفكار التي تغوي بالكتابة !
غريبة أمزجة الأماكن.. تهوي بأفكارك فجأة للملل.. و ساعةً تحثُ حروفك على التدافع فتغصُ بأفكارك في لحظة ارتقاء موجة، فإما أن تركبها و تختلس نصك و إما تضيع .. ربما للأبد !
.
[ ... حينما أقفُ على هذه الحالة أعزي نفسي كذباً بأن مجرد مرور بعض الأفكار في مخيلة امرئٍ ما مظنة ٌ من أدبه .. و لو لم يعبر له فعلياً بنص،
.
ربما يتمحور الأدبُ حولَ التعاطف مع الآخر .. و ربما تتمحور القصة القصيرة حول رمزية الحكاية.. ]
و ربما يكون الكاتب طفلاً يُصرُّ على التكهن بحياة الناس .. مصراً على صحة تكهناته، و هو يدري أنها ليست صحيحة إلا بين ورقة و قلم!
.
فلتكن على شرف قصتك قهوتي: نزف وجعك...
و اطرح نبلَ القلم من حسابك؛ فأنا أكتبُ إثماً كذبتي و أوقعهاً ... قصتي !

Wednesday, July 23, 2008

أيّها يصلح



أيّهَا يصلح
طارق عميرة


تأملّت الزُهُور اللامعَة من وراء الزجاج شدِيد الشفَافيّة , هذهِ زهورٌ صناعيّة لا ترقَى لجمَال وعطر الطبيعة المحبّب , ولكنّها تتميّز بأنّهَا دائمَة , الزهُور الطبيعيّة تذبلُ سريعًا وسُرعَان ما تمُوت , أمّا هذهِ فتظلّ هكذَا دائمًا , قد يخفي الغُبَار بريقهَا ولكنّه ابدًا لن يخفِي شكلَها المصطنَع , حسمَت أمرهَا ودخلَت :
- أريدُ باقَةَ الوردِ هذهِ.
كانَت جميلَة , وكانَ صاحبُ المحلّ وغدًا , لهذَا بذلَ جهدًا شنيعًا في اقناعها بشراء هديّة أخرَى اغلى وأحلى ولكنّها لم تقتنع , قالَت لهُ بعدمَا أحالَ حياتهَا جحيمًا :
- هل ستعطينِيهَا أم أذهب ؟
نَاولهَا إيّاهَا وهو حانق , لا أحد يقتنعُ ببقيّة الهدَايَا , فرغمَ أن الزهورَ هي أرخصهَا ولكنّها ليسَت الأكثر جمالاً , هناكَ ذلك التمثال لكيوبيد وهو يسدّد سهمه العتيد إلى شيءٍ مَا لا أحد يدركهُ ولهذَا لا أحد يشتريه , هناك الملاءة العملاقَة التي تحوي رسومًا ملونّة جميلَة , تبًا للزهور .
قالَ لهَا وهيَ تنَاولهُ حسابَه :
- إن كانَت هذهِ هديةً لشخصٍ مّا فلا أعتقدُ أنّها ستناسبه , مضَى زمنُ الورود والزهّور والأمطارِ وهذه الأشياء !
قالَت في سخريّة :
- وماذَا تقترحُ إذَن ؟
نظرَ حولهُ متأملاً ما يحويهُ محلّهُ , كلّ الهدايَا باهظةُ الثمَن , و كلّها لا تصلحُ كهدَايَا , ثم هل سيقترحُ عليهَا تسجيلاً أو تلفازًا بدلاً من الزهور؟ سيبدأ جدلاً آخر انتهى من مثلهِ حالاً , لمْ يعرف ماذَا يقُول , لهذَا جاء ردّه بسؤال :
- ولماذَا اقترحتِي أنتيِ الزهُور؟
قالَت :
- هيَ ليستْ الزهور , الزهُور تعبّر عن الحبْ منذ فجرِ التاريخ , تضعهَا على شاهد قبرِ شخصٍ تُحبّه , تهنيء بهَا مريضًا على سلامتهِ , وتعطيهَا لحبيبَتكِ وأنتَ تشبّههَا بهَا غيرَ عالمٍ لمَ وما وجهُ الشبَه !
والتقطَت منهُ الباقَة بعد أن انتهى من تغليفهَا وهي تُتَابع :
- مشاعركُ ليسَت في هديتك , فكم من هديّة مؤلمَة , وكم من كلمةٍ خيرٌ من ألفِ هديّة , المهم هو أن يتقبلّهَا الآخر , وأن تكونَ سعادتهُ بهَا حقيقيّة , ليستْ لأنّهَا من الذهب أو العاج أو تمثّل كيوبيد , بل لأنّه يعلم يقينًا أن سبب هذهِ الهديّة هو الحب المجرّد , الحب فقط سواءً لصداقة أو لعشق أو لأخوّة !
دخلَ زبونٌ آخر في هذهِ اللحظَة فالتفتَ عنهَا غيرَ مكترثٍ لما تقُوله , لم يقتنع , قالَ الزبون الآخر :
- عذرًا , أريد استرجاع قيمة هذَا الشيء , لن يُعجبَ فأرًا إن أهديتهُ له !
- ألا تريد شيئًا آخر مقابلَه .
قال وهو ينظر في ساعتهِ ويزفر في ضيق :
- لا شيءَ آخر , إنّهَا لا تستحق , طبقٌ أثري من الفضّة كلفنَي الكثير وهي لا تأبهُ له , بقيَ أن تطلبهُ من الذهَب ! , لهذا هي لا تستحقُ أي شيء !
التفتَ إلى الزبونةِ الأولى ليرى انفعالاتَها ازاء ما يمرّ به , وجدهَا قد خرجَت , كانَت سائرةً وراء الزجّاج , وقبل أن تعبر من أمام المحل تمامًا , التَفتَت له , وبدا شبحُ ابتسامةٍ عَلى وجهِهَا .
- تمت -

Saturday, July 19, 2008

سطور قليلة.. وبعض الصور




بعتذر لانقلاب مخططي بالنسبة للمدونة رأسًا على عقب وأعتقد أن غيابي سيطول لأن فيه احتمال كبير جدًا أكون في الغردقة بكرة ولعدد لا بأس به من الأيام , هذا حظكم معي هذا الصيف فتحملوا , أسباب الغياب السابق نظرًا لحدث شديد الأهمية




الموضوع بدأ برحلة لاسكندرية في آخر الشهر اللى فات


وبعد العودة كان شوية مشاغل والاعداد للجلسة الادبية الطنطاوية الاولى وبتاع والصياعة عبر الانترنت


ثم


زارني امبارح وهو اليوم المنشود المدون علاء .. عايش ولكن , وحضر الوليمة وتغدى معي وكان معاه واسطه بقه فكل حتى امتلأت بطنه وكان معاه أحمد ابن خالته , ده اللى زارني من المدونين ,طب الوليمة كانت ليه ؟


كان لا بد من اتخاذ موقف حاسم عشان فرح الدكتور محمد .. أخويا الكبير مدرس بجامعة الأزهر بقه وبتاع , فكانت الصورة ده !


وبعد ها كان لازم اتصور مع اخويا التاني اللى اكبر مني بسنه بقه , عبدالله طالب طب, عشان ما يزعلش


ثم وللنرجسية الشديدة في أعماقي قلت لازم اتصور صورة لوحدي !






Thursday, July 10, 2008

ما فوقَ الحب


طبعًا لأن في ضغط بشع عشان أبو جهل والمناظرة والأعمال اللي انا عايز أعرضها فبناءً عليه سيتم تسريع عرض
الأعمال مؤقتًا .. يعني لو لقيتم موضوع كل يومين متاخدوش على كده , قصة النهارده قصة قديمة , بس اللي يقراها مش هيندم وعليه أن يقول رأيه بأمانة
بس قبل القصة
1- القديسة جان دارك افتتحت مدونة اسمها في الظلام وأنا متوقع انّها لو اشتغلت فيها هتكون من أشهر المدونات الأدبية في العالم , بالمناسبة , هالة أو جان دارك في نظري تشيكوف العصر الحديث , واللي عايز يعرف مين تشيكوف , يقرا لهالة !
2- المدون علاء عايش ولكن سابقًا مسلم حاليًا افتتح مدونة اسلامية خاصة , بتصدر فتاوي بالمناسبة للي عايز راي معين وفتاواه موثقة ومرجعية يعني مش من عنده اسم المدونة الممسك على دينه

ما فوقَ الحب
طارق عميرة
اهداء إلى مكاوي سعيد


النجوم تتلألأ فى السماء وتبدو رائعة بأنوارها المشعة , الشعاع القادم من هذا النجم يتعامد على القادم من ذاك فيصنعان شبكة نورانية رائعة فى قلب السماء , لا بداية لهاولا نهاية , كأن بدايتها العدم ونهايتها مرمى البصر .. البحر ثائر الأمواج , لون مياهه مصطبغ بلون السماء, ذراته تتناثر عندما تصطدم برمال الشاطىء التى لا يتبين لونها فى هذا الوقت فتصيب الرمال بالبلل حتى بعدٍ معيّن , والظلام يخيم على داخله فلا تُرى إلا الموجات القريبة من الشاطىء بما يعلوها من رغوة بيضاء تكاد تكون مظلمة هى الأخرى.
الهواء مبتل منعش , هواء نقى يخيّل اليك أنه قادمٌ من العدم , يدخل إلى صدرك فتشعر بنشوة لا تجاريها نشوة أخرى, نشوة طبيعية تجعل عقلك يحلق فى سماء الفكر , تأمل بذهن صاف لا يتوافر الا فى مكان كهذا ووقت كهذا.
تجلس هى على حافة الرمال , تترك المياه لتعبث بقدميها وأحيانًا تأتى موجة عالية فتتجاوزها عندما ترتطم بالشاطىء , تترك الرذاذ يتناثر على وجهها فتشعر بلذة تحبها , الهواء البارد المغلف ببرودة المياه يحيط بها ويمنحها قشعريرة لذيذة بين كل فينة وأخرى.
تجلس ساهمة تتأمل , تارة تذوب فى سحر المكان , وتارة تذوب فى أحلامها , وتارة تتحرر روحها وتجوب عوالم اللامكان ولا تشعر بزمن بطبيعة الحال, تتنهد بآهة حارة كلما أفاقت من أحد تأملاتها , لماذا انتهى التأمل , لماذا يصر جزء منها على الارتباط بالواقع دائمًا ؟ , ولكنه لا تجد الواقع سيئًا الى هذا الحد لأنه يكون هو ذاته جزء من التأمل
- كنت أعرف أننى سأجدك هنا ..
فى البداية خيّل إليها أنها سمعت صوته , حولّت راسها ببطء إلى مصدر الصوت , كان هو , يقف مرتديًا حلته السوداء الأنيقة , لا يبالى بالمياه التى تتناثر عليها , يتطلع إلى عينيها الواسعتين ووجهها الفاتن , تنظر إليه غير مصدقة , دمعتان تنحدران على خديها رغمًا عنها , نسيت كل ما يحيط بها , البحر رغم رذاذه الذى ما زال يتناثر عليها , النجوم رغم بريقها الذى اضاء وجهه , الهواء رغم نقاءه الذى تشعر به فى رئتيها , كل ما ملأ عينيها وقلبها وعقلها فى هذه اللحظة وجهه ..
- هل عدت حقًا..
تقولها وهى تنتحب , يقترب منها ويجلس بجوارها , رؤيتها تنتحب تمزق داخله , يضمها إلى صدره , ويترك يده تجوس فى خصلات شعرها , بينما تستسلم هى له تمامًا , لقد تركها من ستة اشهر , ستة اشهر لم تعرف الهناء بهم , لم تعرف الراحة , كل يوم تأتى إلى هنا وتتذكره , تسرح فى ذكرياتهما الحقيقية , وفى أحلامها المختلقة الجميلة , ستة اشهر كاملة ,مروا عليها وهى على هذا الحال , تستعيض بهواء المكان الذى التقته فيه أول مرة عن تنفسه , وبالعالم المحيط بها عن أحضانه , كان يعرض لوحاته فى النصف الآخر من العالم , روح الفنان داخله اصرت على أن يرى العالم فنه , وأن يرى لمساتهم , قال :-
- نعم , عدت حقًا !..
- أنت أم روح الفنان داخلك ..
هو يفرق بين شخصه وروح الفنان داخله , ولكنه يعرف شيئًا واحدًا , أن شخصه وروح الفنان , كلاهما بحاجة إليها , هو يعود ليستوحى منها لوحاته , ليحصل له الإلهام الذى يبدع به فى أعماله , ليحيا معها قليلاً وينقل مشاهد حياته الحالمة على لوحاته الساحرة , لوحاته التى جابت العالم الآن وعرّفت المجتمعات به كحالم جديد فى لوحاته ..
- بل أنا .. روح الفنان داخلى بحاجة دائمة إليك , ولكن حاجة قلبي إليك أكثر ..
تطلعت إليه لحظات محاولة معرفة إذا ما كان صادقًا أم انه يقول هذا ليرضيها , لم تصدق نفسها وهى تسمعه يقول :-
- وقد عدت من أجلك .. من اجلك فقط .. وسابقى هذه المرة معك للأبد
- ألن تسافر مرة أخرى ؟
- بالتأكيد سافعل , ولكن ستكونين بين يدي دائمًا , لن أذهب وحدى ثانية !
لم تشعر بنفسها إلا وهى تعانقه فى حرارة , عادت دموعها أكثر وازداد نحيبها , ولكنه هنا هذه المرة , دفنت راسها فى صدره فأحس بعبراتها تخترقه , ضمها إليه فى حنان وقوّة , شرد ببصره فى المشهد امامه , تذكر لقاءهما الأول , كيف سعى كثيرًا للتحدث إليها , حين علم أنها تبادله شعوره , يوم زفافهما , معرضه الأول الذى لم يبع لوحة واحدة , معارضه التالية التى حققت نجاحًا ساحقًا , كونه الآن رسّام فنى شهير , اشتياقه لها وهو فى بلاد الغرب , وجودها الآن فى حضنه, نظر إليها فوجدها تحدق بعينيه , ابتسم وبادلها النظرة , وذابا فى ليلة رائعة.
***
- أين أنا ؟-
لحظات وسأعرف مكانك..
تدور حول نفسها بضعة دورات , تحاول أن تخمن مكانه , هل هو وراء شجرة التوت العملاقة ؟ , هل يجلس على أحد الكراسي العريضة بالحديقة ؟ هل هو جالس على الحشائش على الأرضية ويداعبها كالعادة ؟ كيف ستعرف مكانه , قررت أن تسير بأى اتجاه , فإذا ما كانت ستصطدم بشيء فسيسارع نحوها لينزع الرباط عن عينيها أو ليمنعها من الاصطدام عندها ستعرف مكانه !
تكاد تصطدم بأحد الكراسي بالفعل , يسارع نحوها ويمنعها من الارتطام به , تمسك به , فيفهم اللعبة , ويضحكان سويًا ..
يجلسان على الحشائش القصيرة , يضمها إلى صدره غير مبالٍ بالجالسين حوله , يعيشان لحظات من السعاده , يتهامسان بكلمات الحب , يمر بجوارهما بائع للزهور , يشترى منه عقدًا ويلبسه لها , يشاهد سعادتها الطفولية التى بلغت حدّها الاقصى بهذا العقد , يمر بائع الآيس كريم , يبتاع منه قطعتان بدون بسكويت , قطعة له وقطعة لها , ويتبادلان التهام القطعتين , يجدها قد شردت فجأة
- اين ذهب القمر
..تنظر اليه فى حزن تألق فى عينيها بغتة وقالت :-
- هل تظن أن سعادتنا هذه ستدوم ؟
- ولم لا , أنا هنا وانت هنا , ولن أتركك مجددًا , فلماذا لا تدوم ؟ لا أعتقد اننا سنملُّ الأماكن والمشاعر , كلاهما تزداد روعته يومًا بعد يومًا ..
- اخشي أن تتوقف عندكَ يومًا ما !
- حينها سأكون أكبر أحمق بهذا العالم , سأكون قد تخليت عن ذاتى , عن أميرتى , عن أغلى شيء فى وجودى , ولا أعتقد أن هذا سيحدث أبدًا !
- لا تعتقد ؟
- بل أثق !!
من جديد يلفهما الصمت قليلاً , تشعر بأنه يحتويها وانها بدونه لن تحيا مطلقًا , حتى أثناء ابتعاده كانت تحلم به دائمًا فى يقظتها ومنامها , تتمنى لو يعود اليوم قبل الغد , وقد عاد قبل موعد عودته بشهرين كاملين لهذا لم تصدّق
- اين أنا ؟
- لحظات وسأعرف مكانك
دوره هو هذه المرة , الغمامة تحيط ببصره فتحيل النهار إلى ليلٍ قاتم لا يضيئه سوى صوتها , ولكنه يعرف مكان اختباءها , هى لم تغيره أبدًا طوال لعبهما هذه اللعبة من قبل , بخطوات ثابتة يتجه نحو الزهور التى تزين وسط المكان , ويتحسس ما حولها حتى يجد جسدًا فيمسك به
- توقعت ذلك .. خدعتك هذه المره !
يأتى صوتها من خلفه , يا للكارثة جسد من الذى أمسكه اذن , يرفع الغمامة بإحدى يديه عن عينيه , ويحمد الله أن من يمسك به طفل صغير وإلا كان سيجد نفسه فى مأزق كبير وهو يحاول تبرير كيف كان يبحث عن حبيبته وهو فاقد البصر , عندما أمسك شخصًا ناضجًا
يلتفت إليها فيشعر بانقباضة قصيرة فى صدره ,انها تهوى فى حفرة صناعية بالحديقة , يبدو أن العمال لم يتنبهوا إليها , يسارع إليها ويجذبها من الأسفل , يخرجها ويوقفها , يجدها تترنح امامه , يسارع بالتقاطها بين ذراعيه , يجد حمرة وجنتيها تبهت وضياء وجهها آخذ فى الزوال شيئًا فشيئًا , يحدثها فلا تجيب , يخرج هاتفه المحمول ويطلب سيارة اسعاف على وجه السرعة , يحملها غير آبه للنظرات من حوله فقد طغى جزعه على كل شيء , يصل بها إلى باب الحديقة ليجد السيارة قد وصلت , يضعها بداخلها ويتنهد بمرارة , يجلس بجوار جسدها المسجى على سرير الاسعاف النقال أمامه , وتدوى فى ذهنه عبارتها .. هل ستدوم سعادتنا هذه ؟
***
تفيق على سرير ابيض , تجد نفسها فى حجرة بيضاء الجدران والأرض والسقف , وكل شيء فيها ابيض , حتى رداء الأشخاص حولها , مجموعة من الممرضات وطبيب يقف على رأسها , اللون الوحيد الدخيل على اللون الابيض , هو لون ثيابه , كان يجلس على فراشها , يحتضن كفها بكفه , يرتدى بذلته التى لم تعد أنيقة بعد معانته فى حملها ونقلها الى السيارة , وبعد كل ما فعله من تصرفات لا يعيها وهو يحاول أن يطمئن عليهاتتطلع إليه طويلاً وتشيح بوجهها وتسأله السؤال الأول :-
- ما مدى إصابتى ..
- ستكونين بخير باذن الله !
حاول أن يبدو صادقًا ولكنها عرفت أنه يكذب , هي تعرفه حين يكذب لأنه لا يكذب كثيرًا, لهذا لا يتقن الكذب , هو غير صادق , معنى هذا أنها لن تكون بخير , أو على الأقل لن تعود كالسابق , تحاول النهوض من فراشها فيقول :-
- ليس الآن يا حبيبتى , الطبيب قال أن أمامك بعض الوقت حتى تستطيعين السير مرة أخرى !
- هكذا اذن ؟ , وكم هو بعض الوقت هذا ؟
يتطلع إليها فى صمت , معنى كلمتها وحدتها أنها فطنت إلى كذبه , موقف صعب بشع , هو لم يفق من صدمته إلا منذ دقائق و لا يعرف ماذا يقول , لذا فقد صمت , صمت تمامًا , بينما تمالكت هى نفسها وقالت :-
- حسنًا أريد العودة إلى منزلنا .
- الطبيب قال أنه لن يمكنك ذلك قبل ثلاثة أيام على الأقل
- ولكننى اريد العودة !
هو لم يرفض لها رغبة كانت بيده قبل هذا , ولكنه الآن يخشى على صحتها , لا بد أن تظل هنا ولكن انفعالاتها وعدم ارتياحها هنا أخطر من وجودها , يتأمل الجلباب الأبيض الذى البسوه إياها , يتأمل تعابير وجهها المنزعجة الصامدة والتى يعرف أنها تخفى خلفها جبلاً من الأوجاع , يشير بيده إلى الطبيب :-
- لتخرجها من هنا إذن ..
- حسنًا .. وقع هنا لنخلى مسئوليتنا من الأمر ..
-سأنقلها فى سيارة اسعاف وتحت اشراف طاقم من الأطباء حتى تستقر فى سريرنا
- حسنًا
ينقلها طاقم التمريض بسريرها إلى سيارة الاسعاف فى الاسفل , وبمجرد دخولها إليها ينسحب طاقم التمريض الداخلى ويأتى الخارجى , تشتعل اضواء الاسعاف المميزة , وتنطلق السيارة بعد ان يغلق بابها الخلفى عليه وعليها وطبيب وممرضتين , بعد دقائق قليلة كانت السيارة تستقر امام المنزل , وهبط الطاقم منها , عاون السائق الزوج فى رفع سرير الاسعاف النقال إلى الأعلى , أعطى الزوج مفاتيحه للطبيب ليسبقه ويقوم بفتح الابواب , واخيرًا استقرت الزوجة فى فراشها , واطمئن الطبيب عليها قبل أن ينصرف مع الطاقم
- هل سأعيش ؟
فاجأته عبارتها , كما فاجأه أن تكون هذه اول عبارة تقولها بعد أن صارا وحدهما , هو يفهم هذا الشعور جيدًا , هى عاجزة اذن فهو لن ينظر لها وسيبدأ فى الابتعاد , او سيبحث عن اخرى يقضى ايامه معها ويستطيع الانجاب منها .
- لم تصل الأمور الى هذا الحد من السوء .., ستعيشين , وسأكون لك , ولن أكون لسواكِ , قلتها مرارًا وها قد جاء وقت الثقة .
تتساقط دمعاتها رغمًا عنها , تسأله:-
- ماحدود إصابتى إذن ؟
يصمت قليلاً ويجيب وقبضة باردة تعتصر قلبه :-
- لن تستطيعى السير مرةً أخرى!
***
أيام من البكاء مضت عليهما , ترك هو العمل فيها , وجلس بجوارها ليلبى لها كافة احتياجاتها الحيوية والمعنوية , ايام كاملة زادت صحتها تدهورًا فيها على المستوى النفسي , لم تكن تأكل الا لمامًا وما يفى لبقاء شخص عادى على قيد الحياة , ولكنها كانت مريضة لهذا لم يكن طعامها كافيًا لصحتها الجسدية , وازدادت حالتها سوءًا عندما عرفت أنها لن تستطيع الخروج من المنزل , لن تستطيع السفر عبر المحافظات لزيارة والدتها التى لم تعلم عن الحادث شيئًا بعد.
لن تستطيع زيارة صديقاتها مرةً أخرى ستنتظر زياراتهم حين يتصدقون بها ولن تعود علاقتهم بها كسابق عهدها بعد اصابتها , ستكون زيارات من نوع تأدية الواجب فقط , سيغلب عليها طابع الحزن , لن تخرج للتسوق مرةً اخرى , يكفى أنها لا تستطيع الذهاب لحمام المنزل دون الاعتماد على مقعجها المتحرك !!
ولكن الغرابة فى الأمر هو ما يحدث مع زوجها , يخيّل غليها أنه يزداد حبًا لها , حزين كأن المصاب هو وليست هى , لم يتخل عنها لحظة واحده , يجالسها نهارًا وينام معها ويستيقظ قبلها لينتظر استيقاظها, يعد لها الطعام ويغسل لها الملابس , لقد صار زوجها فى أيام امرات بيت قديرة من اجلها , لم تتخيل أنه يمكن أن يحبها هكذا ..
غير أنه لاحظ تزايد سوء حالتها النفسية , كانا يتحدثان ويعرف الاسباب التى تقولها والتى لا تقولها أيضًا , لهذا فقد برزت فى رأسه فكرة متهورة , لم تكد تسيطر على عقله حتى انتوى تنفيذها , ربما تذهلها الفكرة , ولكنها ستعجب بها , وكيف لا وهى لإسعادها فقط ..
فى اليوم التالى استيقظت ..حاولت ضبط نفسها واستندت على قائم الفراش , تطلعت الى زوجها بجوارها , هذه هى المرة الاولى التى تستيقظ فتجده نائمًا وبعمق أيضًا , يبدو أنه كان مرهقًا للغاية بالأمس ولكن ما سبب ارهاقه , ضوء النهار يملأ الغرفة , فى البداية خيّل إليها أنها ترى ما تراه , فركت عينيها وعادت لتتأكد لتجده حقيقة , لم يكن وهمًا , جدران الغرفة لم تعد بلونها الأبيض المضىء المميز , كانت تزدان بمختلف الألوان والاشكال , الحائط المقابل أمامها , كانت هى مرسومة بدقة كأنها حية , تجلس مع صديقاتها , ذات الوجوه , كأنها حية تكاد تتحدث إليها , المقاعد , الجدار فى الخلف , صورته المعلقة فى إطار كبير انيق , لوحة المركب الشراعى الذى يقاوم الرياح والمياه ملصقة بجواره , التلفاز مشتعل ويعرض صورة بالأبيض والأسود لأحد افلام سعاد حسنى التى تحبها , كل شيء مرسوم بدقة تامة , زوجها موهوب حقًا , كل شيء مرسوم من أجلها, زوجها يعشقها حقًا .
حين استيقظ هو وجدها تبكى على فراشها , تبكى كما لم يرها تبكِ من قبل , عرف أنها تبكى تأثرًا , لم تستطع الحديث , كانت تشير إلى الرسوم عندما يسألها وتعود للبكاء , أخيرًا استطاعت الحديث :-
- هذا من أجلى ؟
يبتسم فى حنان , لا يعرف كيف يجيب , هو استغل موهبته لإسعادها , هذا كل شيء , ايقول أنه من اجلها ؟, سيشعر أنه يبتذل نفسه , ايقول انه ليس من أجلها ؟ اذن فقد رسمهم من أجل متولى
- نعم !
تتطلع إليه فى انبهار , تحاول الاقتراب منه رغم الألم فى ساقيها وتقبله فى جبينه , فى هذا اليوم تغيرت الأوضاع ., أكلت كما لم تأكل من قبل , تغيرت حالتها النفسية تمامًا, شعرت أنها تمتلك العالم كله بوجوده ..
فى الصباح التالى استيقظت , وجدته نائمًا مرةً اخرى , ضزء النهار ينير الحجرة , آثرت أن تطلع إلى رسوماته من اجلها قليلاً حتى يستيقظ , وفى هذه المرة كانت دهشتها أعظم , الجدار المواجه لها , يحوى صورة صالة منزل والديها , هى تجلس مع والدتها , تثرثر معها وأمامها ذات الطاولة التى تستقر فوقها بونبونيرة الشيكولاته بذات التصميم , كل التفاصيل مرسومة بدقة مدهشه , صورة والدها المتوفى فى الخلف ينظر إليهما فى رضا , النافذة تطل على المنزل المجاور لهما الذى رُسم بتفاصيله الدقيقة هو الآخر , و:انه نقل المنزل أمامها , ولكن هذه الكرة كان هناك جديد , الحائط الايمن بالكامل رسمت عليه الحديقة , ورسمت هى وهى تلبس الغمامة وتبحث عنه , كانت تتمنى أن ترى نفسها وهى تفعل ذلك , وها هى تشاهدها وكأنها حية , الناس من حولهم كما هم , حارس الحديقة هو نفسه بذات التفاصيل , وكانها صورة مطبوعة وليست مجرد رسمة , ما يميزها شيء واحد , عدم وجوده هو
على الأيسر صورة لمكان تعشقه راته فى التلفاز مرارًا وتمنت زيارته , هو أحضره لها هنا , الماء فى النهر يبدو حقيقيًا , توشك الأوراق أن تسقط من الأشجار المرسومة على جانبيه , سيارة مارة من طريق ممهد أمام المشهد وتكسو الأتربة اسفل جانبيها , إنها تزور المكان فعلاً ,لو لم يكن بجوارها فى هذه اللحظة لأحست بأنها كانت نائمة فى الشارع , يراها الجميع ..
الفرح يطغى على صدرها , تشعر بشيء ما يخزها فى قلبها , ستموت وتريحه من هذا التعب الذى يجنيه من أجلها , هى لا تصدق ما يفعله من اجلها , لقد بدأت أنفاسها فى التباطوء , تشهق شهقتها الأخيرة , وتعود نائمة كما كانت ..
***
استيقظ هو , وعندما وجدها نائمة فى الوضع الذى ماتت عليه أدرك الموقف , صدرها لا يعلو ويهبط , قام من الفراش وقبضة ثقيلة تهوى على راسه و يدان عملاقتان تعتصران قلبه , تنازل فرشات والوانه وشرع فى رسم مشهدهما الأخير , رسم المقابر , الصندوق الخشبي الذى ستحمل فيه إليه , وجودها هناك وهى ظاهرة وقد غطاها القماش الابيض , أخذ فى الرسم , النباتات الشوكية حول المقابر , وجوه الواقفين , الرجال الذين يرتدون بذلات انيقة من اجله , اخوتها والحزن يخيم على ملامحهم وأخوها الضابط يرتدى نظارة سوداء كبيرة تخفى انفعالاته , جيرانهم , بعض الوجوه التى قد تحضر جنازتها , السماء من فوقها , الاتربة المغبرة والحجارة من الأسفل , انتهى الرسم اخيرًا , تأمله وقلبه يوشك على الانهيار قبل أن يرفع فرشاته اخيرًا ويغمسها فى لون أحمر هو اقرب إلى الطبيعى وسارع برسمة وردة حمراء تعلو القماش الابيض .
انتهى أخيرًا فالقى بفرشاته وألوانه , واتجه إلى الفراش ورقد بجوارها , نظر إليها نظرة عميقة والدموع تنسال على خديه , ثم نظر إلى الحائط نظرته الأخيرة
- تمت -

Tuesday, July 08, 2008

عندمَا جاءَ أبو جهْل 2

1. الكينج محمد منير عامل أغنية اسمها بحبك يا مصر .. اللي هيدور هيلاقيها , الأغنية بجد والله ..فعلا يعني .. مالهاش حل, من زمان ما سمعتش اغنية كلماتها خالية من الادعاء كده !


2.المدونة هتشهد صراع أدبي هتحكموا بنفسكم عليه , في منافسة ومناظرة قصصية مع أديبة سعودية , يتم تحديث المدونة بالتفاصيل قريبًا , وأنَا واثق ان اللعبة هتعجبكم لدرجة ان أدباء المدونات هيصطادوني واحد واحد عشان المناظرات ده , واللي هيفوتني انا اللى هصطاده , يا مسهل
موضوع القصة

لأرجوحة
هادئ هذا المكان
لم يتغير فيه شيء ،
حتى تلك الأرجوحة ظلت في مكانها
تتمايل مع تيارات الهواء العابرة
،،
كم من ذكرى احتملتها على مر الأيام
يخيّل إليك أنك ترى أطيافهم حولها
تكاد تنطق
تقترب أكثر ..و أكثر ..
تحكيم المغربية سكينة حمدون




عندما جاءَ أبو جهْل


طارق عميرة


(2)


انتهت المآذن من الأذان ووقف الدكتور حازِم وساقيه تصطدمان ببعضهمَا البعْض بينَما أبو جهْل يرمقهُ بنظرةٍ عجيبَه هي مزيجٌ من الذُهول والتعجّب والدهشةِ والاستغرابِ والاستنكارِ والشعور بأنّه خُدِع ودون أن يتغيّر مظهره خرج الكلام من فمِه :

- ما هذَا ! , أعندكم محمدٌ في الفرنجَة ويدّعي النبوّة ايضًا ! , والأدهى أن جميعكم تتحدثون العربيَة , الجاريةُ كانَت تتحدثهَا بلهجةٍ غريبَة ولكنّها العربيَة , وهذا الصوت الذي جاء الآن عربي فصيح وأنتَ تتحدّث العربيَة والسائرون جوارنَا !

وصمت للحظات وقال وقد عاد لحالتهِ الأولى وان بدَا عليه بعض الضيق :

- اخبرني يا أخا العرب , في أيّ بلاد العرب نحن , لا تقل لي من فضلك أن الفرنجَة غيّروا لغتهَم فقد سمعت لغات الكثير منهم حولَ أصنامِ مكّة !
قال الدكتور حازم :
- احم .. أنت في مصر !

بعدهَا شعرَ الدكتور حازم بأنّه يكاد يلامس السماء كما نصحه محمد منير , ولكن يبدو أن ذراع أبو جهْل بمئة جنَاح ! , وعندمَا استقرّ مرّة أخرى على كوكب الأرض وجدَ ابو جهْل غاضبًا :

- أتكذب يا أخ حازم , مصر ليسَت عربيّة !

قال حازم :

- صارت كذلك صدقنّي

ولم ينتظر ليسمعَ الإجابَة فقد بدا يعدو فرارًا من أبو جهل , وبعد ربع ساعةٍ من العدو مدّ ابو جهل ذراعه ليمسكه من قفاه مرّة أخرى ويسأله وقد استبدّ بهِ الغضَب :

- وتساعدون محمدًا أيّها الكلاب ! بينمَا نعانِي نحنُ منهُ في مكّة , اين أنتَ يا أميّة بن خلف , اينَ العاص بن وائل , أين أنتَ يا أبَا لهب , أنتم من جعلتم شوكتهُ تقوى يا كلاب , كم منكم من أتباعِ محمّد !

ضحكَ حازم في سخريّة وقد استسلم لقدرهِ ورضيَ بقضاء الله وترجّاه في سرّه أن يسامحه على جلب هذهِ الكارثة قبل أن يموت وقال :
- جميعنَا أتباعُ محمّد !

أفلتهُ أبو جهل من هول الصدمَة وسأل وقد بلغ بهِ الغمّ مبلغًا عظيمًا :

- جميعكم ؟ كم ؟

قال الدكتور حازم :

- حوالي 60000000 شخص !

كانت الصدمة مزدوجة هذه المرة , فقد وجد الدكتور حازم نفسه يحلق حول المريخ قبل أن يعود لكوكب الأرض بسلام بينما لطمَ ابو جهل خدّه وشقّ ثيابهُ وهو يقول :

- ويحَك يا أبو جهْل , محمدٌ لم يخرج من مكّة ومصر كلّها مسلمون !ومن أتباعه وصاروا ستين مليونًا ترى ماذا يفعل الآن في مكّة اذن ! , لو خرجَ علينَا بجزء من مائة من أتباعهِ هنَا لسحقنَا سحقًا !


كان حازم قد وصل بسلام إلى كوكب الأرض للمرة الثانية وقد قرّر أن يكف عن تجارب آلة الزمن وأن يشرح ما رآه في الفضاء للعلماء , قال لأبو جهل :
- لا تقلق , لن يتحرّك منهم أحد !

- ولماذا ؟
- لا أدري , لو عرفت لماذا لانتصر محمدٌ منذَ زمَن !

- ألا يعدّ كونكم من أتباعهِ انتصارًا , أنتَ تقول أنكم ستون مليونًا , لا أدري كيف كان هذا سيحدث مالم يمر 1400 عام على الأقل لكنّه حدَث,وان اتضح كذبك فالكذب خطيئة لا تغتفر , فاي انتصار يرجوه محمدٌ بعد هذا

ضحك حازم طويلاً هذهِ المرّة , ضحكَ حتّى استلقي على قفاه وقال وقد نوى الخروج الى كوكب بلوتو هذه المرّة :

- الحقيقة أنّنا بعد ألف وأربعمائة عام فعلاً , والستون مليونًا ليسوا عددًا في مليار مسلم , ولكن عداء الاسلام لم يعد يتمثل في كفّار قريش.. الذين تعدّ أحد سادتهم ,لقد صار هنَاك الآن مليون ابو جهْل ولكن أحدًا لا يعرهم اهتمامًا فالخطر الخارجي أكبر , وان كان الخطرين متصلين !

لم يطر هذه المرّة فقد ادرك ابو جهل أنه يقف وسط مسلمين للمرّة الأولى فقط لكزه في كتفه وقال :

- لا تقل أبو جهْل يا أخَا العرب !

في هذهِ الأثنَاء عبرت فتاة ترتدي ثيابًا ساخنَة أكثرَ من الأولى , قال أبو جهْل :

- أهذه أيضًا مسلمة ؟

- بالتأكيد ! ما دامت ترتدي غطاء الرأس هذا !

تابعهَا ابو جهْل ببصرهِ وهوَ يقُول:

- لو علمنَا أن محمدًا يدعو لهذا لاتبعناه !

قهقه حازم هذه المرّة أيضًا , كان يضحكُ سخريةً من حاله وحال ما يراه , أبو جهل كافر كفّار قريش يعجب بالاسلام الحديث !! , شيء مثير حقًا , ابو جهْل لا يرضى بالملابس الساخنة ! , ابو جهل لا يطيق الكذب ! , بقي أن يلبس جلبابًا أبيض ويدعي أنّه إمام لأكبر المساجد !

ولتزداد الأمور سوءًا
كانَت هنَاك عربةٌ تقترب . وفجأة توقفت وهبط منها اثنين من العسكر وأحد الضباط , قال الضابط وهو يلكز أبو جهل :
- جواز سفرك يا شقيق !
***

الباقي فيما بعد!

المرة الجاية هنعيش في قصة رومانسية قديمة ليا !

يومٌ خاص


الجزء التاني من أبو جهل هينزل النهارده قبل ما حد يتكلم

ده موضوع تسجيلي ..حبيت إني اكتبه بس يعني

وعامةً محدش هيستفيد حاجه لما يقراه
يومٌ خاص
بعدَ التجربةِ الأولى
وبعدَ التجربةِ العشرين..
صارَ لدي قانونٌ جيّد
أبدًا ..
لم يكنْ للحبّ سيّد
ولنْ يكُون
***
قالَ لي : لماذَا لا تستطيع النسيَان ؟ , لماذَا لم تخرج من عالمهَا بعد ؟, أنتَ رائعٌ وموهوب والكثيراتُ يتمنينَك !
قلت له : ربّما استطيع , ولكنّني إن فعلت , فسأنسى أني رائع .. وسأنسى موهبتِي !
***
آه
لكَم أعشق قصصِي الضائعَة
لكَم منهَا أودّ قراءته الآن ..
وكم منهَا أودّ تمزيقه!
7/7/2008

Tuesday, July 01, 2008

عندمَا جاءَ أبو جهْل

الجزء الأول من قصة عندمَا جاء أبو جهل وعاملها كده مش فزلكة والله ولا تطويل ولا تشويق ولا كده بس انا كل شويّة بعدل والتعديل بيجيب تعديل , وقبْل البوست

1- المدون علاء عايش ولكن بيأسس مدونّة اسلامية , معرفش انتهى منّها ولا لأ , بس على حد علمي هتكون مدونة متميزة جدًا وكمان للفتاوي وبالمراجع والشيوخ خاصةً انه متفق مع عالم أزهري لمتابعتهَا معَاه , عايز أنشر لينك المدونة بس مضطر أستنى اذنه

2- موضوع التاجَات خلاص مفيش مشاكل , مش هرفض يعني وده تعديل جذري في قرار كوارثي من الدرجة الأولى

3- المنتدى الأدبي الطنطاوي الأول هيتعمل خلال ايام - ده للمتابعين من طنطا والراغبين في الحضور - والناس اللي مستنية المعَاد لسّه مفيش تأكيد بس الزمَان والمكَان هيتكتب في تحديث على البوست ده لو ربنّا سهل ان شاء الله
::: تحديث :::
* رحم الله د . عبد الوهاب المسيري .. كالعادة .. خسر الحمقى - نحن - واحدًا من أكبر علماءهم المتفردين , رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته وأبدلنَا خيرًا منه
* المنتدى الأدبي الطنطاوي الأول سيكون يوم الاثنين .. 7/7/2008 والمكان موجود في تعليق أحمد منتصر بالتعليقات ولمزيد من التفاصيل


عندمَا جاءَ أبو جهْل

طارق عميرة

(1)

نظرَ حازم إلى أجهزته المتطورّة نظرةً أخيرَة وهو يدعو الله أن لا تفشل تجربتهُ كالعادَة , يقول لمساعدهِ الأبله سرور :


- هل كل شيءٍ على ما يرام ؟


- نعم


- أنابيب الغاز ؟


- نعم


- الثلاجة ؟


- نعم


- head & sholders?


- نعم


- إذن ستعمل آلة الزمن هذهِ بالتأكيد هذهِ المرّة !


- من ستجلب لنَا ؟


- لا أعلم أيها الأحمق , ربما هتلر , ربما منغولي من جيش هولاكو , ربما انسان حجري , ربّمَا رجل من روسيا قبل أن تتكون روسيا .. سنرى سويًا !


وشرع يتلو بعض الآيات القرآنية والشهادتين وبسمل قبل أن يضغط زر آلة الزمن


***


أفاقَ الدكتور حازم بعد لحظَات وكالعادَه وجد مساعده الأبله سرور يتأمله في بلاهَة وقد انفجرت اسطوانات الغاز الثلاثة وامتلأت الحجرة بغاز الفريون المتصاعد من الثلاجة وإن كان في المشهد دخيل , كان يقف أمامهُ رجلٌ يرتدي الثياب العربيَة البدوية القديمَة ويبدو مغبّر الوجه وسيم الملامح وان كانت هناك غلظة في ملامحه وقسوةٌ واضحةٌ في عينيه تطلّع إليهمَا للحظات صامتًا في عدم فهم قبل أن يمسك بالدكتور حازم من قفاه ويقول بالفصحى :


- أينَ أنَا ؟..ومن أنت !


في ارتباك قَال له الدكتور حازم وهو يحاول التملص :


- أنتَ في القاهرة وأنَا الدكتور حازم .. أخبرني أيضًا من أنت !


في هدوء غمغم وهو ما يزال ممسكًا بقفا الدكتور حازم حتى شعر الأخير بالاختناق :


- غريبٌ هذَا , ما أعجبَك يا هبَل .. آتي لاقدم لك الصلاة فأجدني في القاهرة في قلب بلاد الفرنجة .. لا بد أن الرومان على الأبواب الآن !


وصمت للحظات ثم قال :


- أنا سيد قريش , عمرو بن هشام !


- آها .. عمرو بن هشام وقريش .. قبل البعثة أم ..


وارتطمت اسنَان الدكتور حازم ببعضهَا , عمرو بن هشام ؟ يا نهار اسود !!, أبو جهْل , ما هذا النحس , عندمَا تعمَل آلة الزمن يكون القادم هو أبو جهْل !! , عرفَ حينهَا أن ليلته ستكُون ليلةً ليلاء , قال وهو يوشك على الاختناق :


- هلا تركتني يا سيد عمرو ؟ لقد أوحشتني الجاذبية الارضية وأرى أنني عكسهَا منذ أتيت !


أفلته أبو جهل لتطا قدماه الأرض أخيرًا وهو يقول :


-تقول ألفاظًا غريبة المكتور وهذه الكاذبية الأرضية ؟ من علمك العربية ؟ والعزّى إنّه لأحمق !


كان سرور يضحك في بلاهة , وهو يشير إلى ابو جهل فالتفتَ عنه الأخير وقد أدرك أنه مجنون وقالَ لحازم وهو يخرج بعض العملات من صرّة اخرجهَا من ثيابه :


- اريد ان ابتاع بعض الطعام بهذهِ الدنانير , هل يمكنني هذا ؟


سالَ لعاب حازم عندمَا رأى الدنانير , هذه آثارُ الآن ويمكنه بيع العملَة الواحدَة بثروة , قال وهو يأخذ الدنانير منه :


- سآتيك بكلّ ما تريده !

وارتدَى ملابسه وهبَط ليبتاع بعضَ الطعَام وعادَ يتأمل أبو جهْل وهو يراقب الطعَام متعجبًا لهيئته ولكنّه في بلاد الفرنجة على أيّة حَال , التهمَ مَا أمَامهُ في سرعَة ونهضَ متجهًا صوبَ الباب فقفز حازم كالملسوع :

- إلى أينَ أنتَ ذاهب؟

- أريد العودةَ إلى مكّة !

ارتبكَ حازم وهو يقُول :

- ليسَ الآن

نظرَ له أبو جهْل نظرةً كاد قلبه يقفز من صدرهِ منهَا و قَال :

- يا لهبَل .. ولماذَا ليسَ الآن ؟

- لأنّ هبَل أرسلك إلينَا لتقضي عددًا من الأيّام ثمّ تعُود فهل ستتدخل في إرادَة هبَل !

تطلّع إليهِ ابو جهْل في شك , من أينَ يعرف هوَ هبَل وأهل مكّة لا يعرفونهُ أصلاً , ثمّ إنّ هنَاك محمدًا ظهرَ في مكّة ولا بد من العودةِ لمواجهتهِ وإلا ستقلّ أرباحهُ من تجارَة الأصنَام ! , قالَ وقد بدَا مغلوبًا على أمره ..

- إذن سأهبط لأتجوّل قليلاً في بلادكم

لم يعرف حازم ماذَا يقُول فهوَ لن يستطيع منعه ولا يجرؤ على إخبَاره بأنّه يرفض النزول , قال وقد بدَا عليه بعض الارتياح :

- حسنًا يا سيّد عمرو , ولكنّني مضطر للهبوطِ معَك

وارتدَى ملابسه مرّة ثانية

وذهبَا

***

كانَا يسيرَان في الطريق , عندمَا وجدَ أبو جهْل أمامهُ فتاة تسير مع أحدُ الشبَاب وكعادَة قاهرة 2008 كانَت بارزة في كلّ شيء ! , فمَا كانَ منهُ إلا أن أسرعَ الخطَا وحازم يحاول اللحاق به حتى أمسكَ بالفتَاة من ذراعهَا , ذهلَت الأخيرَة في البدايَة , قبلَ أن تجاهد بشدّة للتملّص منه وهي تقول :

- دعنِي أيّهَا الحيوان !

في حينَ تأملّهَا أبو جهْل قليلاً وقد بدًا معجبًا بمقاومتهَا وشراستهَا علاوةً على قوامهَا الذي جعلتهُ الثيّاب أفضل كثيرًا مما لو كانَت بدونهَا , قالَ موجهًا كلامهُ للشاب الذي يجاورهَا :

- يا رجل , بكَم تبيعنِي هذهِ الجاريَة ؟

كَال لهُ الرجلُ لكمةً عنيفَة متظاهرًا بالرجُولة بينمَا تعجّب أبو جهْل , ألا يرغبُ في بيعهَا وان أثارته الضربة فأفلت الفتاة ورد اللكمة بنفس القوّة إلى الشاب الذي تلقّاها وحلّق في الفضاء كأنّه سوبرمَان بفعل ردّ الفِعْل

قال لهُ حازم وهو يقف على مسافةٍ قريبَة :

- هذهِ ليسَت جاريَة

قال أبو جهْل وقد فهمَ الموقف :

- آسف , ولكنّي رايت نساء الفرنجَة كثيرًا وكنّ محتشمَات عن هذَا المظهر , صحيحٌ أنهنّ لم يكنّ يرتدين غطاء الرأس هذَا ولكن لم تكن نصف تفاصيل أجسادهنّ ظاهرة كهذهِ , كمَا أنّ الجواري عندنَا هنّ من يرتدينَ هذهِ الملابس التّي لا تقبلُ بهَا حرّة ! , ولكنّني آسف حقًا لم أعرف أن بلاد الفرنجَة من الداخِل بهذَا السوء , وإن كانَ عندكم الكثير من العجائب !

قالها وهو يتطلّع إلى بعض السيّارات التي عبرَت أمامه واللافتات العملاقة على اسطح البنايات , حقًا بلاد الفرنجة جميلَة ولكنّها ليسَت أجمل من الصحرَاء ومكّة وهبَل , كان هذا ما يدور في ذهن أبو جهْل أمَا ما كان يدور في ذهن حازم فكانَ على العكْس تمامًا , يبدو أن أبو جهْل سيسبب الكثير من المتاعب , لو رآه أحد رجال الأمن الآن لاتهمّه بالانضمام الى جماعات اسلامية تحارب الحريّات !!.. ولكن .. ليزيد موقفهُ سوءًا

دوّى فجأة .. أذَان العصْر !

***

الباقي البوست الجاي