Thursday, October 16, 2008

سوق النشر الأسود

السادة الكتاب والكاتبات .. معذرة لهذهِ الفضيحَه ولكن ..
سوق النشر الأسود
طارق عميرة


مشكلة كبيرة يعَاني منهَا تقريبًا معظم الكتّاب الشباب سواءًا الموهوبين منهم أو مدّعي الموهبَة , وسواءًا في سوق الأدب أو الكتابَة الحرّة توجَد صعوبَاتٌ تكادُ تصُل إلى مكانة رابع المستحيلات في أن يتمكن الكاتب في نشر كتابهِ مجانًا أو بمقابلٍ مادي له في ظل هذا العصر الذي سادت فيه الكثير من الأسماء والانتاج الأدبي اللذي صار مقدمًا من المعروفين أكثر ممن يحاولون إيجاد فرصة للظهور فما الذي سيدفع الناشر للمجازفة بظهور اسم جديد ولديه من الأسماء ما يضمن له الاستمرارية بالفعل ؟ , هكذَا قلّ ظهور الأسماء الجديدَة وصرنَا نرى البعض يصعد - ويُنشر لهُ - على سلم الكتابة الجنسية والاصطدام بالألفاظ أو المعتقدات الدينية وغيرهَا مما لا يرضَاهًُ ضمير كاتبٍ حر .
أمّا عن اللذين يمتكلون الموهبة الحقيقية فربما تجدهم بين صفحَات الانترنت كثيرًا ولكن نادرًا ما تراهم على الورق , وقد رأيت بنفسي الكثير من الأدباء البارعين اللذين تقرأ لهم قصّة خيرٌ من ألفِ كتَاب .
سوق النشر أصبحَ قذرًا إلى حدّ ما كسائر الأسواق الأخرى , صرتُ أرى أدباءً وكتابًا حقيقيون ينهارُون لمجرّد أنهم لا يجدون فرصةً للنشر بينما يقع في يدي يوميًا ما لا يقل عن كتابين مثلاً أتصفحهما لأوقن تمامًا أن الأدب والكتابة صارا مزيفين كثيرًا كسائر الوسائل الثقافية , وما يحفظ ماء وجه الثقافة لدينَا هو بعض الإصدارات والكتب المتميزة من آنٍ لآخر .
أمّا عن النشرِ على نفقةِ الكاتب فيبقَى هو الحل الأمثل - غير العادِل - لمحاولة الموهوبين الجدد في الظهور ولكنّه أيضًا ليسَ بهذهِ السهولةِ أبدًا, أذكر أن احد اصدقائي نشر كتابًا لهُ مع ناشرٍ اتضّح فيمَا بعد أنّه قمّة في اللا مبالاة والاستهتار , كان العقدُ ينصّ على توزيع النسخ ثم إقامة الجرد الأول بعد عام , في لحظات الجرد الاول ذهب صديقي إلى الناشر ليجد أن كل نسخه ما زالت موجودة لديه ولم يباع منها ما يتجاوز المائة وخمسون نسخه في معرض الكتَاب , والناشر لم يهتم بتوزيع الكتاب أدنى اهتمام , وكأن الكاتب نشر في أوغندَا ومع ناشر لا يمت له بصلة وليسَ هو , هكذَا أخذ صديقي نسخه مضطرًا ومقاومًا أن يبصق في وجهِ الناشر و استطاع بقوّة غير عادية أن يسيطر على نفسه حتى لا يهشم جمجمة الناشر , قام بعدها بتوزيعهَا فرديًا ونجح في ذلك في وقت قياسي , فهل يرجع عيب التوزيع هذا إلى كفاءة صاحبي الذي استطاع التوزيع سريعًا وكان سوء توفيق لدار النشر أم يرجع لاستهتار دار النشر واهتمامها بالمادّة أكثر من اي شيء آخر حتى ولو كان مقابل هذهِ المادّة لدرجةِ أنّها لا تجد فردًا واحدًا يقومُ بما قامَ بهِ هذا الصديق ؟
هكذَا يبقى جيل الكتّاب الجدد كذئب يعوي في الوديان المقفرة ولا يسمع سوى صدَى صوتهِ , ربّما يبلغُ أقصى أمانيه أن تنشر له الجريدة الفلانية أو ينقده الكاتب العلاني ولكن بلا زيادات أو ارتقاءات تذكر في ذات معاملة أعماله من قبَلِ الناشرين .
أذكر منذ سنوات محمد سامي صاحِب دار ليلى النشر للتوزيع حينَ أطلقَ مشروعهُ الأول لتبني المواهب الشابّة بعنوان بدايات والذي قدّم للكتاب الكاتب الشهير والمحبوب د. أحمد خالد توفيق , وكان يجمعُ فيه أعمال لبعض الشخصيّات اللامعة الآن - كالعايدي ومحمد فتحي - مع بعض الكتّاب الشباب الجدد واللذين يظهرون للمرّة الأولى عبر الأوراق , كان الكتاب يحمل عنوان وطنٌ بين دفتي دفتر و قد كانت التجربة أكثر من رائعَة وهنَاك أعمال ما زالت عالقةً بذهني من قصير ما كتبَ بهذا الكتاب لمختلف الكتّاب , بعدهَا ظهرت سلسلة تحمل اسم رقم إبدَاع أو ايداع تقوم على نفسِ الفكر و لكنّ الفارق أنّهَا على نفقةِ الكتّاب ثم تم دمج السلسلتين فيما بعْد , ما يهمنّا هو أن سامي تلقي هجومًا عنيفًا ونقدًا قد لا يحتمَل لمجرّد أن الأعمال - على نفقةِ الكتّاب - ورغم أننّي أرى التجربة متميزة للغاية فهؤلاء مجموعة من الشباب أرادوا فرصة للظهور عبر الورق ووفرتها لهم هذهِ الدار , وساهم كل منهم بمبلغ ضئيل لتكوين تكاليف الكتاب , ولا نهملُ هنَا أن الدار كانت بحاجة إلى دعم مادي رهيب على الأقل لمنافسة غيلان الساحة الأدبية والكتابية في مصر أو محاولة المنافسة على الأقل ولكن أحدًا لم يرحم طموحُ الناشر الشاب ولا امكانياته المحدودَة .
واجهَت دار ليلى بعدهَا العديد من المشاكل والصعوبَات , منهَا الطبيعي والذي لا بد من تجاوزه للعودة أكثر قوّة ومنها بعض محاولات للقضاء عليها من اسماء لا يستهَانُ بهَا , ولا أدري هل نجحَت هذهِ المحاولاتُ أم لا ولكن اختفاء الدار من على الساحة تقريبًا يجيب عن هذا التساؤل .
ناشرٌ شابٌ آخر يواجه الآن صعوبًات لا حصرَ لهَا , هو يحيى هاشم صاحب دار اكتب للنشر والتوزيع والتي تتحدث عناوينها الآن عنها في كل مكان , سبب كتابَة هذَا المقَال أن هناك اتهامٌ عنيفٌ ومقنعٍ جدًا ليحيى هاشم بالنصب على الكتّاب الشباب , لو اتفقنَا جميعًا على أن يحيى هاشم نصّاب يحصل على تكاليف الكتب من الكتّاب أنفسهم ويقتسم معهم نصف الأرباح , فمن يفعلُ هذَا الآن سواه في سوق النشر المصري ؟
أرى أن هذا الرجل قد قدم العديد من المواهب الجديدة والرائعة وصنعَ مالم يستطع أحدٌ صنعه في زمن قياسي ولو كان قائمًا على النصب فيكفي ما صنعه للدار من اسم وكتب الدار التي صارت موجودة في كل مكان استطاع الوصول إليه تقريبًا , أرى أن حماسه لا ينقطع وتوزيعه يزداد توغلاً وتوسعًا يومًا بعد يوم , وأراهن أن يجد كاتب شاب من يعامله ماديًا وطباعةً مثل يحيى هاشم إذا ما انغلقت في وجهه أبواب عظماء السوق الأسود للأدب .
إذا كان الشرف أن يقوم يحيى هاشم بشراء جميع النسخ التي تم توزيعهَا ويعطي الكاتب أرباحًا حتى يرضى الأخير عنه فبالتأكيد سيكون النصب هو أن يبلغ يحيى هاشم أحد كتّابه بأن كتابه فشل وكأنهم جميعًا عباقرةٌ منزلين من السماء , هناك دور نشر تنشر بلا مقابل على الإطلاق , وهناك من سيعطيك خمسمائة جنيه مقابل شراء الكتاب بكامله مثلاً وهنَاك من سيطلب منك آلافًا حتّى ترى اسم الدار الناشرة على الغلاف الخارجي فأيهمَا أفضل من وجهة نظرك ؟ هل تبيع كتابك بأثمانٍ بخسة أم تبحث عن الشهرة في شعارات الدور أم ترى أن ما كتبته رسالة يجب أن تصل سواءًاعلى نفقتك أو تحت أي اسم ؟
كثيرون من الكتّاب لجأوا إلى نشر كتبهم بأنفسهم وتوزيعها , أذكر منهم أحلام مستغانمي وأسامة غريب في كتابه مصر مش أمي وعمر عفيفي في عشان متنضربش على قفاك وغيرهم و كثير من أدباء الخليج والمغرب , بعد هؤلاء الكتّاب يتعاقدون مع دور للنشر فيما بعد إذا ما اثبت الكتاب نجاحه , ولكن يبقى شرف البداية للكاتب
لماذا تتهيب دور النشر من الكاتب الجديد ؟ السبب الأول والمنطقي هو الخوف من الخسارَة !! , وبناءً عليه يتم معرفة هل العمل ملائم للنشر أم لا , تجاوز الأمر مسائل الحقد والغيرة من كتّاب آخرين وسطوة بعض الكتّاب في دور النشر إلى سطوة الناشرين أنفسهم , فصار الأدب سلعةٌ تباع وتشترى , بل والأدهى لا تمنح إلا للمختَار من قبلِ الناشر , فهل ذنب أولئك اللذين أتاحوا فرصة النشر للجميع أنهم حاولوا منافسة غيلان كبار ؟ وهل ذنب الناشرين الشباب أنهم مقربين من كتّابهم لدرجة أنهم يتحملّون إهاناتهم ؟
علاء الأسواني مثلاً أذكر أنني قرأت أنه باع ثمانية نسخ فقط من مجموعته القصصيّة الأولى , الذي اقترب فرأى , ونجاحهُ يتحدّث عنهُ الآن , أكان هذا العيب يرجعُ إلى علاء الأسواني إذًا ؟
الإجابة واضحَة , أطالب السوق الأدبية والكتابية بمحاولة القضاء على كل الناشرين الجدد , حتى يظل الوسطُ حكرًا على أسماء بعينها , وحتى يكون كل كاتبٍ جديد .. هوَ المختَار !

Tuesday, October 07, 2008

أدب الحـــوار .. ومشكلة التعصب !

أدَب الحِوَار ومشكلـــة التعـصّب
طارق عميرة
أعتبرها شخصيًا أكبرَ المشكلات التي تواجه مصر علَى الإطلاق , صحيحُ أنّها لا تقتصر على مصر ولكنّها مستفحلة لدينَا إلى حد لا يمكن السكُوت عنه إذا تحدّثنا عن الأمر كمجمل .
نكُون كاذبين لو عرفنَا متى بدأ التعصب في التاريخ على وجه التحديد ولكن يكفي أنه كان ظاهرًا مثلا في تعصّب أحد أبناء آدم إلى أخت له ولدت معه في ذات جيله لتحدث جريمة القتل الأولى في التاريخ , ورغم أن مفهوم التعصّب مختلفٌ تمامًا عن أدب الحوار ولكنّه وثيق الصلة به , صلة الشيء بضده!
قد يظهر التعصّب في صورة شتم الغير أو ضربه أو التشاجر معه أو حتّى قتله وكثيرًا ما تُرفعُ قضايا كثيرة نتيجة للتعصب ابتداءًا من المشاحنات الكلامية التي تتحول إلى جرائم وانتهاءًا بقضَايا إهانَات الأديان .
أبعَاد المشكلة واسعة ومتوغلّة في اتجاهات كثيرة فالفرق بين رد الفعل والدفاع عن النفس والتعصب والتعصب المضاد هي مجرد شعيرَات بسيطة وقد يختلط الأمر ويتغير السبب الذي من خلفه يكمن التعصب .
هناك تعصّب إلى حد السفهِ في الحديث , والسفّه كبقيّة الحالات النفسيةِ معدٍ , يقول شاعر عربي :
إذا نطق السفيهُ فلا تجبهُ , فخيرٌ من إجابتهِ السكُوت
هذا يعني أن هناك حالات يستحب السكوت فيها , لأن ردود الدنيا لن تكفي إلا ببعضٍ من السبَاب مثلاً , ولكن في الغالب نجد أن السفه قد انتقل من الشخص إلى الضد فيبدأ التشاحن ثم النهايَات المعروفة.
كيف تحدث جرائم القتل دون سابق تدبير إذن ؟
التعصّب موجود , ولعلّ من ابسط نماذجه ذلك الصراع العتيد الممتد بين جمهوري ناديي الأهلي والزمالك حتّى أن البعض من أمثالي كانوا يستغلون أحيانًا هذا التعصب الكروي دون أن يفقهوا شيئًا في علوم كرة القدَم !
وكذلك التعصّب الذي تخبو ناره تارة وتشتعل تارة لتصل إلى عنان السماء , وهو التعصب الديني الشهير في مصر بين المسلمين و المسيحيين .
ثم التعصبات الفكرية والسياسية بشتّى أنواعها رغم ادعاءها جميعًا للفكر الحر ومحاولة تحقيق سعادة الفرد وتظاهرها بالاعتراف بالآخر دون تطبيقٍ حقيقي قلّما نراه ! , وحتى التيارات المتعصبة الاسلامية و المسيحية والتي تبدأ حوارًا يحمل في طياته الكثير من الإهانات لمقدسات الطرفين بالسباب أو العنف أو غيرها من غير وسيلة الحوار .
من صور التعصّب كذلك والتي قد لا يخلو منزل منها تعصب الأهل لفرد منهم , كالإخوة لأخوهم والأب لأبنائه أو الزوجة لزوجها وقد يصل التعصب الفكري إلى فرض السوء بالآخرين إذا ما حدث سوء .. فلو حدث حادث سرقةً مثلا :
- ابننا ما بيسرقش , أكيد هما اللي ضحكوا عليه .
رغم أن الابن قد يكون هو مدبر السرقة ومخططها وما " هما " إلا ضحايا له في السوء .
أما الصور العلنية للتعصب والتي غالبًا ما يعترف بها أصحابها فغالبًا ما تكون لرجال الدين المشاركين في الجدالات الدينية حيث يسعى كل فرد لإثبات أن كل الأديان الأخرى خاطئة أكثر مما يسعى لإثبات أن دينه هو الصائب !
كل هذهِ الحالات تعصب رغم أن هناك بعض الحالات التي يستحب فيها التعصب كالدفاع عن دين مثلاً حال تعرضه لهجوم ماحق لأدب الحوار , كوقفة المسلمين المخزية المضادة للدنمارك , ولكن عليهِ أن يتحكم في تعصبه فلا يصل إلى درجة إهانة المقدسات إلا إذا كان قد نبذَ الحوَار , فإن كان للحوار وجود فلا داعي أن يكون جدالاً عقيمًا ينتهي بلاشيء سوى السباب لجميع الأطراف .
وللزوم أدب الحوار ينبغي علينَا معرفة أنه لا حدود للحوار حتّى في وجود الله , لا مانع من أن يعرض كل وجهة نظره في سلام ثم الاتفاق أو الاختلاف دون إهانة أو السعي لتدمير الآخر وهدمه فجميعنا بني آدم , ماذا كانت رسالة الرسل إذن ؟
كانت التحاور مع أقوامهم لا التحارب مع الأقوام الأخرى , راجع مخاطبات الرسل لأقوامهم , وكل الحروب التي حدثت في التاريخ هي تجاوزات وتداعيات للدعوة الحوارية التي يهان أحد أطرافها ولعل أقل طريقة للإهانة هي الرفض وغالبًا ما يكون الرافض هو الباديء للعداء , وكأنه برفضه يعلن الحرب وانتهاء محاولات السلم .
كذلك يمكن الحوار في أشد المسائل تعقيدًا وعقائدية , حتى في خلق الإنسان , وهل هو ناتج عن غوريللا أم عن أب البشرية آدم أم حتى ثمرة بطيخ , فكما قلنا لا حدود للحوار , فقد حاور الله ملائكته في خلق الانسان وحاور النبي ابراهيم عليه السلام الله في احياء الموتى وأراه الله قدرته , قال تعالى :
" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفَة , قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك "
إلى آخر الحوار الكريم من سورة البقرة في القرآن الكريم , بل حتّى بعد الخلق حاورَ الله ابليس وبعد معصية ابليس في وجه منشيء الكون كله وخالق كل شيء والحاكم الذي لا راد لحكمه قال له الله عز وجل في القرآن الكريم :
" قال يا ابليس ما منعك أن تسجد إذ أمرتك , قال أنَا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين"
ولم ينته الحوار بل لغرور ابليس وتحدّيه الخالق ومحاولة التفضّل والتكبّر أتته اللعنة عقابًا رادعًا من الله , وامتد الحوار بعدها , وطلب من الله أن ينظره فلبى الرب له طلبه وجعله من المنظرين .
ولو بحثنا عن النتائج الايجابية دائمًا فسنجدها ناتجةً عن أدب الحوار لا العكس , بالحوار وحده نالت الهند استقلالها على يد غاندي وبالتعصب وحده قامت باكستان على أنقاض الهند بعد هزيمة الاستعمار والنتيجة واضحة الآن لمن يتأمل في علاقات الدولتين وتاريخها .
- الأهلي حديد , الزمالك خلاص بيلعبوا بينج بونج دلوقتي ! , خلاص راحت عليه
- الأهلي شوية ....– كلمة حذفت لوجود قارئات - , الزمالك بس يخلص من الخلافات بنت الكلب بتاعت مجلس الادارة وهيبقى فل , فاكرين الأربعه ؟
- فاكرين انتوا السته !
غيظ فـ.. بوم .. – طراخ $%#& - آييي .. يا لهوييييييييييييييييييييييي !!
حوادث مأساوية من مشهد متكرر ممثل لظاهرة التعصب , رغم ان لاعبي الناديين الكبيرين قد ينتقلان بينهما في سلاسة تامة وكلنا نذكر الساحر حسام حسن الأهلاوي الزملكاوي الـ.. نسيت أنني لا أفقه شيئًا في علوم الكرة !
هذهِ ظاهرة تعصب مثلاً لا تحتاج إلى الكثير من الحوار وانما هي مجرد مناقشات معتاده بين جميع المشاهدين اللذين يتحولون بمعجزة ما إلى محللين كرويين بعد أن تنتهي المباراة بتسع ثوان !
لاحظ أن هناك تعصب فكري قد لا يظهر إلا عند اتخاذ القرار , وعادة يكون طبقًا لمباديء متخذ القرار وليس تعصبًا ارتجاليًا مندفعًا ونموذج معقد له كالقوانين المختلف عليها في مجلس الشعب رغم أنها قد تعني في الكثير من الأحيان سلب المزيد من الحريات من وجهة نظر البض أو اعتداء على الدين أو تحرر فكري له عواقب ضارة , والعكس من تيار مقابل كعرض قانون ديني مثلاً من تيار بعينه .
فعلا للمشكلة جذور ممتدة إلى كافة الأفكار تقريبًا, ففي أحيان كثيرة تخالف ضميرك من أجل نصر وجهة نظر قد لا تقتنع بها تمامًا ولكن لمصلحة ما أو لأنها لصديق أو معلم ومن يفعلون هذا كثيرون للغاية بالمناسبة وهذه هي الكارثة الأكبر .
عن أدب الحوار وحريته يقول العلامة الشيعي السيد محمد حسين فضل الله :
" واذا كان الاسلام يؤكد الحوار من أجل الوصول إلى الحقيقة بطريقة علمية موضوعية فلا بد له من حماية حرية المحاور في طرح كل فكر مضاد بطريقته الخاصة حتى لو كان على خلاف العامة للناس فليس لأحد أن يقابله بعناصر الاثارة الانفعالية في اطلاق كلمات الكفر والضلال والخروج عن الدين وما إلى ذلك من الكلمات المثيرة التي تدفع إلى الغوغاء والاساءة للفكر .
إن الحوار يرتكز إلى الحرية الفكرية في الحالة الحوارية لأن الانسان الذي لا يملك حريته في طرح ما يريد من سؤال أو اعتراض أو مناقشة لا يستطيع الوصول إلى الحق إذا لم يجد فرصة للاجابة على سؤاله ومناقشة وجهة نظره "
هنا ينتهي كلام العلامة وهو لا يحتاج إلى شرح ولا تفسير وان كان يضيف بعد هذا في مقاله وجود شرط مهم وهو الاطلاع والانفتاح على آفاق المعرفة لأن الجدال بدون علم يدفع دائمًا إلى الكبر وهو التعصب بمفهومنا هنا .
يقُول تعالى :
" إن اللذين يجادلون في آيات الله بغير سلطانٍ آتاهم إن في قلوبهم إلا كبر ما هم ببالغيه فإستعذ بالله إنه هو السميع البصير "
لعل مثال تعصب ابليس لجنسه قد تكرر مليارات المرات على كوكب الأرض مع فارقين , في غير وجه الله , واننا صنف واحد يختلف بجواز السفر ويسعى لابادة نفسه والغيرة من آخرين من ذات جنسه !
هناك هتلر مثلاً الذي أدى بتعصبه الأحمق إلى الحرب العالمية الثانية بكل كوارثها , هناك التعصبات في الأديان وبين المذاهب بما لا يضع مجالاً للحوار أو الاتفاق , هناك التعصب بين الدول بعضها البعض فمواطنوا الدولة البطيخية البترولية يرون موظفي الدولة التي تعتمد على زراعات أو صناعات بسطية هي دولة أدنى , الفلبين مثلاً ارتبط اسمها في الأذهان بالخادمات والخدم , والهند التي صارت شهيرةً بالعمالة الأرخص , لماذا ينظر الناس هنا للخدم والعمالة ولا ينظرون إلى حضارة الهند وتاريخها ورجل مثل أميتاباتشان أو مبنى مثل تاج محل موجود قبل أن تستقر فكرة تكوين دول أخرى منها الكبرى والصغرى القوية والبترولية في أذهان من فكروا في فعلها !
لا أطالب هنا برفعِ الأجور بل الاعتراف بآدمية الغير وحقه في الحياة والحرية التي لا تؤذي آخر , فليس ذنبه أن ولد في العراء و ولدت أنت في مستشفى راق , وكم من عزيز قومٍ ذل .
هل أصبحَ المال هو المتحكم الرئيسي في ثمن الانسان أيضًا فصارت الدول تُحترمُ من أجل اقتصاداتها رغم قذارة ما تفعله ؟ , وهل يمنح المال الحق في سحق الآخر عند الاعتراض ؟
ضابط الرشطة الذي يهضم حقوق الفقراء لا يستحق مهنته , لأن في هذا تعصب وتقسيم للمواطنين إلى طبقات لكل طبقةٍ قوانينها الخاصة ..
ورغم أن التعصب معقد للغاية وقد يكون ناجمًا عن فرض عقائدي في اعتقاد البعض وهو ما أرفضه تمامًا إلا أنه قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان .
ورغم صعوبة المشكة فإن مواجهتها تحتم أن يقتنع الفرد بوجود أدب الحوار والتحلي بصفاته وأهميته , فإذا لم يوجد اقتناع فلن تبقي الخسائر على شيء إلا .. التعصب !