Saturday, August 11, 2007

ثلاثة !


تفريغ لمناظرة تمت فى موقع هارى بوتر الشقيق .. ثلاثة قصص ..الأولى
لعبة الحياة


ما هذه الورطة..كيف سيخرج منها ؟, ليت فهمى هنا , كان سيفيده فى هذا الأمر , ولكن فهمى فى بعثة لحضور مؤتمر طبي أحمق فى أمريكا الآن , فهمى صديقه الوحيد منذ الطفولة وحتى الآن وهو على مشارف الثلاثينات , بقية الأصدقاء مستحدثين , فهمى صديق نادر , يكفى كمثال أنهما كانا يتشاجران نهارًا أحيانًا , ولكن فى المساء يجد فهمى على باب منزله يشير له بالنزول ليخرجا سويًا , وعند خروجهما لا يتناقشان فى أمر المشاجرة قط , فهمى صديق يجب احترامه فهو لم يتخل عنه أبدًا , ولكن أين فهمى منه الآن ؟
***



يعود الى منزله مثقلاً بهمه ولكنه لم يضع فى حسبانه الشجار اليومى مع زوجته التى كانت يومًا ما حبيبته , ولكنه تذكر عندما وجدها واقفة ترمقه بنظرات حادة وتضع يديها فى وسطها.



.- أين كنت حتى الآن؟لا يجد له مزاجًا رائقًا للرد.



.- وما دخلك ؟



وكأنما ضغط على زر سحرى , أخذت زوجته تنهال عليه بسيل من السباب والشتائم والتقريع .. قالت بعد أن صمتت للحظات..



- ها .. ألا تنوى الاجابة بعد ؟



هو منهك .. دعيه يرتاح قليلاً ثم ابدأى سيمفونيتك التعذيبية , لقد أخطأت .. يرمقها يرمقها بنظرة طويلة قاسية تحمل معانٍ شتى ويقول :-



-بلى .. سأجيب



يصمت قليلاً ويتابع:-



- أنت طالق !



تركها ترمقه فى ذهول ومضى الى حجرته . شعر كان كابوسًا مريعًا انزاح عن كاهله , هذا هو القرار الصائب , لماذا لم يجرؤ على اتخاذه على منذ زمن ؟ , كانت عليه أن يفعل , هى تحيل حياته جحيمًا دائمًا سواء لسبب تافه أو بدون سبب .هى متكبرة دائمًا , وكل المشاجرات فى التاريخ تنشأ لأن أحد الأطراف مخطى ويمنعه كِبرُه من أن يعترف بخطأه , أو أن الآخر يمنعه كِبرُه من تقبل خطأ الأول , لقد تخلص من هذا العناء بطريقة عملية حقًا !



***



يقول وهو يزفر زفرة عميقة بعد ان انتهى:-



- هذا هو كل الموضوع .. ما رأيك الآن ؟



يقولها لصديقه خالد , يتطلع اليه خالد قليلاً وهو يفكر فى نفسه , ماذا يريد هذا الأحمق , ينقذه من الرد رنين هاتفه النقال , يجيب



- آلو



-........



-متى ؟



-..........



اين ؟-



.........-



أنا قادم !



ويغلق المحادثة , يستأذن خالد فى الانصراف منه , يمضى خالد بينما يفكر هو , خالد تركه الآن فى أزمته , وبطريقة مخجلة , أهذا هو خالد الذى كاد هو يموت من أجله يومًا ما , أهذا هو خالد الذى فضله على نفسه كثيرًا ؟الآن يتركه , يبدو أنه نسي ما أخبره به أو تناساه وذهب ,يتركه لمجرد اتصال من امرأه عابثه , تمر أمام عينيه عدة لمحات , هو المخطىء وليس خالد , خالد هكذا منذ زمن , ولكنه لم يلحظ هذا الا الآن , لم يعد مهمًا لخالد كما لم يعد مهمًا لاى أحد آخر !



***



يجلس أمام المرآة , يتأمل الأخاديد العميقة فى وجهه الذى حفره الزمن والارهاق عليه وهو ما زال شابًا , يفكر فى ورطته , اينهى



حياته ؟ تفكير أحمق ! , أيهرب منها ؟ ,لم يتوقع صدمته الى هذا الحد .. يبدو أنها النهاية بحق .أصدقاءه عرفوا انها نهايته لهذا رفضوا مد يدهم له بالمساعدة , كانوا عمليون فى تفكيرهم بينما ما زال هو يبحث عن معنى الصداقة , هل سيتركونه ينتهى هكذا ؟الحل !!!, كيف لم يخطر بباله , لقد وجد المخرج من الورطة أخيرًا ,’ سيخرج من ورطته , سيخرج من ورطته ! , انبسطت اساريره وسارع بالذهاب ليفعل ما يراه , كل ما يتمناه الآن أن يحيا قليلاً لينتقم من زوجته وخالد وعاصم وايهاب ,بل والمجتمع كله , ولكن .. كيف؟



***



فهمى عاد من امريكا أخيرًا , هو علم ذلك عندما وجد رقمه المصري يتصل به على هاتفه النقال , فهمى يتصل , يتناول الهاتف



ويجيب



- آلو ؟



- مرحبا , أين انت يا صديقى , لقد ذهبت لدارك ولم يجبنى أحد , أنا بحاجة اليك الآن ..



يبتسم هو , هذا فهمى يحتاج اليه , وضع الهاتف بجواره دون ان يجيب , فكر لثوان ثم أغلق المحادثة , أمسك بالهاتف وقام ليليقى به من نافذة المكان الذى يعيش به بعد أن ترك المنزل لزوجته , ليذهب فهمى الى الجحيم ! , يبدو أن فهمى لم يدرك بعد قانون لعبة الحياة !



- تمت -


بَلْدَةٌ جَدِيدَة



بلدةٌ جديدة , ولكنها تبدو رائعةً من هنا ,البنايات العالية الفاخرة ,الشوارع الواسعة الهادئة التى تقف على جانبيها أشجار خضراء نادرًا ما يلوثها مرور بشرٍ بجوارها فى هذا الوقت من الليْل , أضواء المصابيح تسقط عليها فتزيدها سحرًا ليليًا محببًا , الهدوء الذي يسود المكان ويقطعه هدير محرك لسيارة بين كل وقت وآخر , يبدو أننى سأحب هذا المكان.

أسير وأتأمل ما حولى , سمعت عن هذه البلدة الكثير من قبل بوصفها مدينةً ساحليةً جميلة , ولكنها المرة الأولى التى أشاهد جمالها , و إن كنت قد رأيت ما هو أجمل بكثير من قبل , ولكن الجمال الخارجى لا يعنى الحُسن الداخلى , ترى هل سأحب هذه البلدة ؟ , من مشهد البنايات والاضواء يبدو أن هذه البلدة تكون مزدحمةً نهارًا , ستساعدنى على الاندماج فى جوها والذوبان وسط ازدحامها , ليس هذا وقت التفكير فى هذه الأشياء , ان علىّ النوم الآن , فغدًا ستبدأ رحلتى الشاقة فى البحث عن عمل وسكن و كل ما يكفل لى العيش هنا , هذا مكانٌ مظلمٌ نظيفٌ مناسبٌ للنوم فيه , أرفع حقيبتى عن كتفى وأخرج منها بعض الملابس التى تصلح لتكون وسادة لى لهذه الليلة , أكومها بطريقة معينة وأضعها على الأرض , أتمدد مفترشًا الأرض , أحتضن حقيبتى وأنام !

- أيها الصعلوك , ما بالك تفترش الرصيف , أعلى جميع المارة أن يتحاشوك ؟

استيقظت على هذا الصوت , رجل أكثر ما يقال عنه أنه صعلوك يتحدث ! , اصدم بصرى بوجهه الدميم , التفت لأجد نور الصباح قد انتشر فى المكان وان كانت الشمس لم تبدد جميع الظلال التى يقع عليها ضوئها بعد , نهضت ونزعت الملاءة التى كنت متدثرًا بها عن جسدى , سيطر الذهول على وجهه حين رأى ملابسي النظيفة أسفل الملاءه , وضعت الملاءة و الملابس التى جعلتها وسادة فى حقيبتى , و رفعت حقيبتى الى كتفى ورمقته بنظرة قصيرة ومضيت للسير ..

- هل أجد عملاً لديك ؟

يرمقنى صاحب المقهى الفاخر الذى أسأله , بنظرة طويلة ويتأملنى من أعلى راسي الى أسفل قدمى

- هل لديك خبرة سابقة بالأمر؟

- لتجرب !

- ما رأيك بتنظيف دورات المياه؟

- موافق!

- سيكون راتبك ثلاثة جنيهات يوميًا

أنظر اليه , ثم أستدير وأكمل سيري , أسمعه يقول :-

- ما رأيك بخمسه ؟

أكمل سيري , أسير واسير , وفى كل مرة يخيّل إلى أننى سأجد عملاً فيها يخيب أملى , فإما أن يكون العمل حقيرًا براتب حقير , أو أن يكون عملاً يتطلب الديمومة وهو ما لا أستطيع أن اعد به , أحيانًا كان يرفضنى صاحب العمل ولكنه يكمل حوراه معى من باب التسلية ثم يخبرنى بقراره فى النهاية , حين لا أجد رد فعل لى سوى النظرة , هذه النظرة دائمًا ما يكون مفعولها أبلغ من أية كلمة أخرى

- هل أجد عملاً لديك ؟

- عمل الميناء شاق ولا يبدو عليك أنك ستستطيع أن تتحمله !

- لتجرب

- حسنًا !

أخيرًا وجدت عملاً والأجمل أن هناك سكن تابع للعمل , الراتب رائع يفى باحتياجاتى الشخصية ويزيد , يختلف يوميًا باختلاف عملى , وقد فاجأهم نشاطى وقوتى فى الأيام التالية , لقد أحببت هذا المكان حقًا , صار لى أصدقاءٌ هنا , صار لى سكن وان كان مشتركًا فان الجميع معى صاروا كإخوتى , هناك عامل هنا يدعى لؤى هو الاقرب الى قلبي , ربما لعينيه الحزينتين دومًا , لصمته الطويل , نادرصا ما كان يتحدث , ولم يتحدث عن نفسه الا معى وباستثناء أن العمل كان مريحًا من الناحية المادية , فقد كان مريحً ايضًا من الناحية النفسية , أنا أعمل فى الميناء , ارى البحر الذى يمتد أمامى , وأنا أعشق البحر , لا أدرى لماذا يختلط فى ذهنى دائمًا بالحرية رغم أنه محسور بين الشواطىء ولا يعرف تجاوزها , أتأمل البحر كثيرًا وأفكر , ماذا وراءه ؟ بالتأكيد بلادٌ أخرى , هل ستكون أروع من هذه البلدة ؟ , لا يهم , تكفى راحتى هنا

- بالمناسبة , نحن أصدقاء وأنا أحكى لك عن حياتى منذ كنت صغيرًا , لماذا لا أعرف شيئًا عنك؟

ترى أأحكى له أم ماذا , لؤى يبدو أمينًا , وهو صديقى الأقرب الى هنا , ولكننى لا أشعر بالراحة حين يعرف أحدٌ شيئًا شخصيًا عنى , الأخرون يبحثون عن من يحكون له مشاكلهم ويفضون اليه ببلواهم , ولكننى تعودت أن يكون من اشكى له هو داخلى , واذا ما شكوت لآخر فانه يتمرد

- لا يوجد شيء مهم عنى لتعرفه !

- حياتك ؟

- ليست بمهمه ولم يحدث فيها شيء معين !

- أين ولدت , مدينتك , أين أهلك ؟

أنظر اليه وأنا افكر , وأقول صادقًا :-

- لا أذكر !

- هاه ؟!!

- لا أذكر !, تركت أهلى منذ زمن بعيد , وصار لى مائة أهل فيما بعد , تركت جميعهم

- كيف ؟

-لا أريد أن أتذكر !

يرمقنى بنظرة طويلة بدأ الشك يتسرب اليها , ويتركنى ويذهب , لماذا سأل هذه الأسألة , لا أدرى , غالبًا فى الايام القادمة سأكون موضع شك الجميع بعد أن يخبرهم , ربما يأتون بالشرطة ويسألوننى عن هويتى ولن يصدقوا ابدًا اننى لا أعرف لى هوية , أتأمل البحر وأفكر ..

***

بلدةٌ جديدة , ولكنها تبدو رائعةً من هنا ,البنايات المتناقضة بين قصيرة ومرتفعة ,الشوارع المتوسطةالهادئة التى لا تكاد تخلو من المارة طوال اليوم , المصابيح نصفها عاطل والنصف الآخ متحطم وان كانت اضواء المنازل تصنع جوًا حميميًا رائعًا , الصخب الهادىء الذي يسود المكان , يبدو أننى سأحب هذا المكان !


- تمت -


جُنُونْ الأيَّامْ !

يوم الخميس , أخيرًا موعد إجازتي الأسبوعية , بعد أسبوعٍ كاملٍ من العمل المرهِق حان يوم الراحة , أمامى سفرٌ لا بأس به ولكن يهون كل شيء فى سبيل العودة ,قد تسألنى لم اضطر للسفر ولا أقضى الاجازة فى سكنى بالمدينة التى أعمل بها رغم أننى هنا أعيش وحيدًا وهناك أعيش وحيدًا , عندها سأخبرك أن مدينة العمل مدينة صاخبة , وأنا لأ احب الصخب , يكفى أن أظل فيه خمسة أيام كاملة ونصف اليوم السادس , لهذا السبب فقط أنعم بالهدوء يومًُا ونصف فى مدينتى الهادئة , كما أننى أجد فيها رائحة والداى رحمهما الله وأخى الذى هاجر بعد أن خذله الواقع , ولا بد من جرعة نفسية من استعادة ذكرياتى معهم من وقت لآخر , وهذه الجرعة تكون كأفضل ما يمكن حين أتطلع الى صورهم المعلّقة على الجدران وأتذكر جلوسهم على مقاعد المنزل وتواجدهم فى أركانه يومًا ما , وكل هذا لا يتوفر فى سكنى الملحق بالعمل .
دعك من أننى سأرى وجوهًا اعتدت رؤيتها منذ طفولتى , وسأرى شوقى الخبّاز الذى كان يعدو خلفى وأنا صغير محاولاً أن يضربنى بعد أن أرميه بحجر فى وجهه لانه يرفض اعطائي الخبز قبل الكبار , سأرى نشوى ابنة أحد جيراننا التى كانت تظل واقفة فى شرفتها وعيناها مثبتتان على شرفتنا حتى اذا ما خرجت لها تتظاهر بأنها تنزع أحد الثياب من على حبل الغسيل وتدخل مسرعة , صحيح أنها متزوجة الآن ولكن من قال أن هذا سيمنع من رؤيتها عرضًا فى الشارع وزوجها من أبناء المنطقة؟,سأرى جوًا مالوفًا لى , حياة أحبّها.

أخيرًا وصلت إلى بلدتى , الشوارع كما هى , البيوت كما هى , كل شيء كما هو , لماذا أفترض أننى غبت عن المكان أعوامًا رغم أننى كنت هنا الأسبوع الماضى ؟ , أنا أشعر بأن الزمن يمضى ببطء لأننى بعيد , بينما هم هنا يعيشون حياتهم العادية , بعضهم لا يعرف أننى أعمل خارج البلدة بعد رغم اننى فى العمل منذ ستة أعوام ,مقهى السعادة , الاسم يبدو غريبًا ولكن لو لم يكن غريبًا فسيكون متشابها مع غيره , أنا أعشق الجلوس هنا , هنا ألتقى ببعض زملاء دراستى القدامى , هنا أجد صديقًا أو اثنين باعدت بيننا الايام والأعمال , دخلت اليه و تطلعت فى الوجوه قليلاً , هذا وجه جديد , ولكنه يجلس مع وجه مألوف لى , لا بأس , أنتقى طاولة فارغة وأجلس على أحد مقاعدها الأربعة , يقترب منى هانى , ساعى المقهى هنا , ترتسم ابتسامة ترحيب حقيقية على وجهه , كيف لا وأنا أجزل له العطاء - البقشيش - فى كل مرة , يقول :-
- حمدلله على السلامة يا بيك
أبتسم رغمًا عنى كرد فعل لمباردته وأجيب :-
- الله يسلمك
- طلباتك ؟
- زى كل مرة !
أتأمل أشكال الناس حولى مرة أخرى , طفلاً أو اثنين كنت أركلهما وهما صغار صارا مراهقين الآن , جالسين بجوارى يتظاهران بالذكاء ويلعبان الشطرنج ويبدو على وجهيهما تفكيرٌ عميق دون أن يتحدثا , الناحية الأخرى يجلس عم حسن المتسول الأعمى العجوز , يجلس متربعًا على كرسي صغير ! , ويجذب بضعة أنفاس من نارجيلة صغيرة أمامه , أصرف نظرى عن الجالسين وأحوله الى التلفاز المعلق أمامى والذى لا يتابعه أحد , يعرض احدى حلقات مسلسل رأفت الهجان , يوسف شعبان يقول لمحمود عبد العزيز " مصر اللى بتدفع يا رأفت , احنا ما بندفعش حاجه من جيبنا " , أتساءل فى أعماقى هل بقى فى مصر ما تدفعه !

جاء هانى بطلبي , أخذت أرشف منه بضعة رشفات وأتطلع الى التلفاز ولكن عقلى يسرح فى المقارنة بين وضعى هنا ووضعى فى العمل , صحيح أننى لا أفعل شيئًا هنا , ولكن هذه الراحة النفسية ! , ان ما ينشده الانسان هو الراحة , وأنا لأا أجدها الا هنا , ولكن للأسف نضطر أحيانًا للتغرب حتى نحقق أكبر قدر ممكن من الراحة , ويموت الآخرون دائمًا دون تحقيقه ودون أن يتشبعوا بالراحة التى كانوا يمتكلونها , لماذا أعتقد أننى استثناء اذن ؟ انتهيت من شرب ما طلبته , وقمت فجاء هانى الى سريعًا , أعطيته ضعف ثمن ما شربته , ومضيت بينما أسمع دعواته لى تكاد تصم أذنى وأنا أتمنى فى داخلى أن ينتهى , لا أدرى لماذا أشفق عليه , يدمن المخدرات وهو بحاجه الى ثمنها ولهذا يعمل , أغرب غرض يمكن أن يعمل المرء من أجله , قابلت من يعمل ليقلع عن التعاطى ولكنها المرة الأولى التى اقابل فيها من يعمل خصيصًا ليتعاطى , هذا هو هانى , وان كنت أحترم فيه أن والده ترك له مالاً كثيرًا , ولكنه يثق بأن والده جمعه من حلال , لهذا لا يجرؤ على تبديده فى المخدرات وهى حرام

غدًا الجمعة , على أن استيقظ منذ الفجر للصلاة والاغتسال والقرآن والجو الحميمي , سأطهو مع نفسي ما يحلو لى من الطعام , ولكن الأصابع المحشية هى سنة ذلك اليوم منذ كان والداى أحياء ولا أستطيع التخلص من تقاليد العائلة ما دمت فى منزلها , سيكون على أن أذهب الى السوق صباحًا لأبتاع اللازم , ها قد وصلت الى منزلى , أخلع ثيابي وأستبدلها ببعض ثياب أبي البيتية , أصلى المغرب والعشاء .. أريد أن أنام .. هآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآوم !

***

قمت من نومى على أذان الفجر , نهضت و اغتسلت , ثم هبطت إلى المسجد , صليت الفجر خلف الأمام ولكنه لم يقرأ بسورتى السجدة والانسان , فى كل مرة كان يقرأ بضعة آيات من بداية كل منهم ولكنه لم يفعل هذه المرة , الأمر لا يبدو غريبًا الا لو علمت أنه منذ عشرون عامًا تقريبًُا هى عمره فى الامامة لم يغير هذه السنّة أبدًا , ولكن لا باس , الأئمة تتغير كما يتغير أى واحد آخر , كما أنه لم يذنب أو يخطىء انتهيت من الصلاة وعدت إلى منزلى , قرأت سورة الكهف وجلست أتلو الأذكار حتى اشرقت الشمس فصليت الضحى , ثم أعددت لنفسي افطارًا خفيفًا ونزلت إلى السوق لأبتاع لوازم الغداء , لا أدرى لماذا يبدو السوق مزدحمًٍا إلى هذا الحد , إن سوق الجمعة زبائنه قلائل دائمًا , ولكن الوضع الآن يذكرنى بسوق السبت حيث يكون السوق الرئيسي بمنطقتنا ويأتى اليها أبناء المناطق الأخرى من المدينة بل ومن بعض المدن والقرى المحيطة بنا , لا يهم , حاولت أن أنتهى من طلباتى ونجحت أخيرًا وعدت , قمت باعداد الغداء تاركًا طهوه وتجهيزه لبعد الصلاة , وتطيبت وارتديت جلبابًا فاخرًا أبيض اللون , قبل أن أهبط فاجانى اتصال على هاتف المنزل , كان من صديق لى فى العمل :-

- ما جيتش ليه النهارده ؟ المدير فى قمة الغضب وناوى يخصم ثلاثة أيام من مرتبّك !
- أخبره اننى سأمت محاولاته لجعلى أعمل فى يوم اجازتى , حين آتى غدًا سأرى هذا الموضوع عن قرب .
وقبل أن أنتظر رده أغلقت الهاتف فى وجهه , أنا هنا لأرتاح لا ليعبث صديقى بأعصابي أو ليطلبنى المدير , أنا معه خمسة ايام كاملة ونصف , فلم لا يترك لى البقية دون ازعاج ؟ , هكذا هبطت وذهبت الى المسجد , وعلى غير العاده كان المسجد فارغًا الا من بضعة جالسين كبار فى السن , انتظرت , أذن المؤذن .. لم يأت أحد الا القليل , اقام المؤذن ودخل أحد المصلين يؤمهم فى صلاة الظهر , وقبل ان يشرع فى الصلاة , كنت أنا اتقدم وقد فار دمّى ..

- مش هتخطب الخطبة ؟
- أى خطبة ؟
- خطبة الجمعة !
نظر الى الامام مستنكرًا , وتمتم بضع تمتمات من نوع , ما هذا المجنون , واستدار وكبّر تكبيرة الاحرام , انضممت الى الصف وصليّت معهم مضطرًا , وبعد أن انتهت الصلاة مال على جارى الذى على يمينى وقال :-

- الظاهر انك محتاج جدول جديد للايام .. الجمعة كان امبارح!

فى البداية ظننتها دعابة , وفكرت فى الجملة قليلاً وعندما هممت بمناقشته كان قد تبخر , بالتأكيد كانت دعابة , ولكن هل سيكون حجم الدعابة الى هذا الحد ؟ , صلاة الجمعة لا يتم أداءها ؟ سوق السبت يصنعونه اليوم ؟ المدير يخصم ثلاثة أيام من مرتبي لأننى لم أذهب السبت , هذا يبدو منطقيًا أكثر ولكنه يعنى أننى جننت , انا متأكد من اننى كنت على المقهى بالأمس واستقليت قطار السادسه الذى لا يكون الا فى يوم الخميس , أنا واثق من أن أمس لم يكن الجمعة فقد سمعت برنامجًا على الراديو أتابعه كل خميس , لقد نظرت فى ساعتى بالأمس وأنا متأكد أن اليوم كان الخميس , أنظر فيها الآن , يا إلهى .. اليوم السبت !!!

ما معنى هذا ؟ معناه ببساطة أننى جننت , أو اننى نمت يومًا اضافيًا إلى ليلة الجمعة , ولكن لم أقم جوعانًا أو عطشانًا, اذن لم أنم يومًا ونصف , اذن فقد جننت , هناك يومٌ كامل لا أذكر عنه حرفًا , ربما لم أعشه مطلقًا , ربما لم يوجد , ولكن نظرات الدهشة من حولى تعنى أنهم عاشوه , اين كنت أنا ؟ , على أن اتأكد من شيء!

مقهى السعادة , ترى أين أنت يا هانى ؟ , ها هو هانى قادمٌ من المحل المجاور ويحمل صينية عليها كوبين , يصل إلى وعلى وجهه ابتسامة الترحيب ذاتها

- ازيك يا هانى ؟
- ازيك يا بيك
- تفتكر آخر مرة كنت فيها هنا ؟

- أيوة طبعًا , وهو تنوير حضرتك لينا يتنسى برضه يا بيك , كانت أول امبارح سعادتك

- متأكد ؟

-عيب يا بيك , انا صحيح مش متعلم بس ذاكرتى اقوى من الحديد , لو عايز اقولك الساعه كام كمان وبالثانيه هقولّك
أعطيته بعض المال ومشيت , ترى ما الأمر , أاكون قد نمت يومًا وليلة ؟ ربما , هل مررت باليوم ولا أتذكره , الأمر صعب وبحاجة الى العرض على طبيب نفسي , يقال أنهم يفهمون فى هذه الأمور , ولكننى اثق من انه سيقول لى بأنه لا شيء بي , أو أن بي أسوأ الاشياء الممكنة ولا أريد كلا الردّين ,’الحل ؟ أن أتناسى الأمر مؤقتًا , ولو تكرر فعندها سيتجدد التفكير فى الأمر ولا بد من اتخاذ اجراء حاسم مع الأمر , يوم مجنون وذهب ! , الايام القادمة كثيرة

***

صباحٌ جديد على أن أغتسل وافطر وأذهب الى العمل , مرعلى يوم الجمعة أسبوعان و أربعة ايام , لم أعد افكر فيه مطلقًا , تناسيت الأمر كلية فلم يتكرر معى مرة أخرى , يبدو أننى قضيت اليوم وربما سكرت فى نهايته أو شربت اى شيء من مذهبات العقل فنسيت , هكذا قال لى أحد الأصدقاء محاولاً تفسير الموضوع , والأمر يبدو لى كذلك فأنا ارتاح لهذا التفسير , هو ممكن على الأقل , هناك طرقات على باب حجرتى , هذا زميلى فى السكن سيستعجلنى للعمل ..فتحت الباب ,

-مرحبًا ياسر ؟

ازيك؟-

- بخير , بس ايه يا عم الحلاوة ده , أول مرة تقضى أجازتك فى الشغل يعنى !؟

- تمت -

2 Comments:

Anonymous said...

حسنا ،،
كنت بموقع هاري بوتر الذي كما وصفته بالــ(الشقيق) قد قرأت قصة منهما وهي بلدة جديدة

حقا لم أجد المعنى هنا سوى بالأخيرة جنون الايام
كم هي رائعة

لكن الاولى أسمح لي
بها بعض السذاجة في التعبير وفي شخصية البطل وفي إسلوب تفكيره
فما مثلا ذنب صديقه فهمي في كل ما حدث ؟
وهل المغزى من القصة من البداية أن يوضح أن الصداقة أصبحت مستحيلة أم الهدف أن تبين أن الحياة من كل جوانبها مجرد لعبة
ان كنت عملت على المعنى العام لأصبحت أفضل على حسب ظني

أما الثانية فهي حقيقة جميلة ولكن أعذرني
ففكرتها مكررة
كل الافلام العربية والاجنبية تناولت ذاك الشخص الذي يهيم على وجهه دون هوية ودون أي شئ

الثالثة
أعظمهم
قد أحببتها كثيرا
ولا غبار عليها !!

تحياتي الحارة لك
ولكن دعني أقل لك
قلة المستوى تلك
لأن ما كتبته كان في خلال ما يشبه المسابقة
وانت مطالب ان تقدم عملك خلال عدد معين من الايام
وهو ما ارفضه
لأن الادب ووحيك القصصي لن يهبط عليك في تلك الساعة التي يطلبون منك فيها الكتابة
صعب ان تطلب من احد الابداع في وقت معين وفي حدود معينة وفي موضوع معينة
لا أقتنع بذلك !!

ولكنهم رائعين بالنسبة لمسابقة أقيمت في أيام محدودة

Anonymous said...

حسنا
عذرا للعودة فقد نسيت كتابة من انا !
جانووووو