Saturday, June 23, 2007

محاكمة كيوبيد




(1)

على المنصة يجلس القاضى وعن يمينه ويساره مساعداه , وأمامهما يجلس رجل هو الدفاع وعلى نصة صغيرة مجاورة يقف رجل قاسي العينين يلف بذلته بشريط العداله .. ومن الباب يدخل حارسان يقودان طفلاً عاريًا له جناحين ..

يقول القاضى :-


ها قد جاء الطفل الأحمق ..
ذو الأجنحة الفوسفورية ..
طفل أخرق ..
اليوم سنفقده المنطق..
نضربه بمطرقة حجرية ..
لا تبرير ولا منطق ..
لما فعل بأجيال .. بشرية
كيوبيد ؟

مرحبًا بك ها هنا ..
محكمة الحب الدولية ..
عانينا منك أعوامًا
وأخيرًا ها أنت ضحية ,
اليوم تواجه أهوالاً ..
مليون قضايا وقضية ..
هل تعرف احداها يا أحمق ؟
أم نتلوها بروية ؟

كيوبيد فى حيرة بعد أن تركه الحارسان :-

لا أعرف شيئًا يا قاضى ..
ولكن لن أمثل لقضية .
أجننت لتأمر بإله..
يركع أمامك؟
ما الأمر العاجل يا قاضى ؟
أتعديت على السامية ؟
لن أمكث لهراءك هذا
فأمامى تنظيم الأحباب
وتزيين الأحلام الوردية ..
ورحيقًا يجمعه العشاق ..
وقلوب ثائرة شجية ..

يحاول كيوبيد الطيران بجناحيه فلايستطيع بينما يبتسم القاضى ساخرًا ويسأله كيوبيد :-

- ما هذا يا قاضى الغبرة
لا أستطيع الطيران
أقسم أن تندم يا قاضى ..
لن يتركك العشاق ..
وسآخذ قلبك كهدية ..
يجيب القاضى :-
العشاق من أتوا بك الى هنا ..
وأنا لا أندم يا سيد
محكمة الحب الدولية ..
حكمت بسجنك أيام
لسب القاضى ..
اما القيود
لم توضع بيد أحدنا
بل قيود جرائمك
قاسية ..
صلبة .. حديدية ..
لن تخلص منها أبدًا
ولو حالفتك العبقرية !
سنؤجل محاكمتك حتى تعود ..
ونرى قضاياك الشوكية

يسير الحارسان نحوه مرة أخرى ويقتادانه نحو الخارج حيث سيذهبون به لى السجن ..
وكيوبيد يخرج حانقًا متوعدًا يهددهم بلعنات الآلهة وغضب زيوس , بينما يقول القاضى ..

- رفعت الجلسة !


(2)

يدخل كيوبيد منكس الرأس وقد صار ذليلًا , ويقف أمام المحكمة بنفس هيئتها السابقة ..

يسأل الادعاء:-

هل أورد كل القصات ؟


يجيب القاضى :-

لا ..
بل مقتطفات

يبدأ الادعاء بالكلام :-

طروادة..
ومدينة أحلام هدمت
كانت لتفوق اليوم الصين
أوقع أخيل ..
بسكرات الحب وهيلين..
أختطفت من بين ثناياها
وأصيب ذووها بجنون !
القوم بدأوا بالثورة
وحصار ما انفك سنين ..
وحروب دامت مشتعلة
أبطال فقدوا..
فيكتور ..أجاممنون..
وشعور يجرف بحنين ..
تنعاهم آلهة ثكلى ..
وحصان يحتل مدينة..
آلاف الأرواح امتزجت
بتمزق..
لا تعرف ساقًا من عين !
هذا المقتطف الأول ..
والى المقتطف العشرين !

يقاطعه كيوبيد :-
انتظر ..
لا تستعر..
الحرب دبرها القدر ..
أخيل بطل ..
أتحاكمنى لصناعة بطل ؟

يرد الادعاء:-
لا دور للقدر فيما قد حدث ..
انت السبب !
فى قتل آلاف الجثث!
أخيل بطل ؟
هو الآن فى سقر !
ولدت الهمجية فى قلبه
وشغلته بشيء مملوك لأناس أخر
والتهمة ثابتة لا تهرب
مقتل آلاف البشر !

كيوبيد بجزع :-
وما دخلى أنا
ليس لى دور هنا ..
اسألوا هيرا !
حاكموا هيرا !
ليس أنا ..

الادعاء:-
اعترض يا سيدى
كيوبيد ..
اعترفت منذ لحظات
ألم تقل ..
صنعت من أخيل بطل ؟
أم أصابنى هطل ؟

يجيب كيوبيد :-
ربما كان لى دور قصير
لكن هيرا هى التى
دفعت الى الشر المستير
فينوس أيضًا متفقة
أعطت لهيلين العبير !

الادعاء:-
لا فينوس ولا هيرا
معلوماتى مؤكده ..
انى لاطالب يا قاضى ..
بعقوبة مؤبدة
ماذا سيكون الباقى
وهذا مطلب واحدة ؟؟

الدفاع:-
أعترض !

القاضى :-
اعتراضك قد رفض
لن أصدر أحكاما فى الحال
فهناك قضايا طوال..

يلتفت القاضى الى الادعاء :-
يا سيد
لا تطلب حكًما للجانى
قبل أن تنهى ما لديك
والآن
أرنا المقتطف الثانى !
***

(3)

يقول الادعاء :-
صحراء العرب البيداء
ورمال الهضب البيضاء
وشعاع الشمس ..
وعبير الأزهار الحمراء..
زهور الصحراء..
تحت المشهد أعلاه ..
يقف الفارس..
محاولا فك الطيالس
بيمناه سيف..
وعينيه نظرات حادة
أسود الوجه عابس..
العبسي..
اسم قبيلته
وعبلة ..
اسم حبيبته ..
ولكن لم يكن للحب ود ..
فقد كان الفتى
للأب والعم عبد
الاسم عنترة !
والفعل شد !

القاضى :-
وجز يا سيد ..

الادعاء وهو يشير الى كيوبيد :-
ألقى سهمًا مسمومًا..
فأصاب القلب المتمرد
روضه ليصنع أشعارًا..
فيثور العم ويشرد ..
عنترة الحكوم البائس ..
لكن البلوى أن تعرف ..
أن حبيبته سيدته ..
وأن أباها مالكه..
بإمالة أو رفع اصبعه ..
أو حتى لو غمز بعينه
يطلقه أو يطلق ذبحه
أبعده العم عن القرية ..
فأخذت ابنته سبية
ودارت معارك عظيمة..
فجماجم وعظام ضحية
ومئات القتلى ..
تحت الأضواء الخمرية
هذا المقتطف الثانى ..
فلنسمع أقوال الجانى ..

كيوبيد مسرورًا وكأنما وجد ثغرة للفرار منها :-
ورماح عنترة النواهل ..
ورهبته وهيبته ..
وسيرته فى كل الفصائل..
عنترة وما أحدث سيفه ..
ولسانه وعقله ..
من أمجاد وزلازل ..
وغنى بالذكر هنا
ان النهاية فى التاريخ
بزواج عنتر من عبلة ..
والأب المغتاظ خامل !

الادعاء:-
لكن أرواح ضحاياهم ؟
تصنع صخبًا ناريًا
وليس الحب ليجتمع
اثنان على دم القتلى
وصرخات الثكلى ..
قد طلبوا الأخذ بثأرهم
ونحن لن نظلم أحدهم !
الثأر معلق بعناقك !

الدفاع للمرة الثانية :-
أعترض

القاضى :-
اعتراضك قد رفض

ويلتفت الى الادعاء :-
أوجز فى شأن المذنب
فاليوم طويل يا سيد ..
وقضايا اليوم منهكة ..
وأنا أتعب !

الادعاء :-
حسنا ياقاضى
سأتلو المقتطف الأخير
شامل كامل
ولا حاجة للأساطير

القاضى :-
افعل يا سيد !

***

(4)

يقول الادعاء :-
آلاف سكارى القلب
آلاف عذارى الحب ..
تشتت أشلائهم ..
وتناثرت أوراقهم ..
فى كل جنب ..
عاشوا عوالم حالمة ..
حلموا بحب ..
بعشق ..
بليل ..
حلموا بأحضان دافئة ..
ذاقوا الذل ..
عرفوا المر ..
رأوا الهوان .
تحملوا العيون الآثمة .
فجأة .. هوت أحلامهم ..
هوت بلا نذير ..
ذهبت الى غيابات الجباب ..
حيث الرطوبة ..
والظلام الدامس ..
والقلوب القاتمة !

قتل الضمير ..
وتجمدت المشاعر فى القلوب ..
الحب مرة ..
بعدها مرار!
ان لم يكن نهر الذنوب
قد حملت آلأاف الانعش ..
لقلوب لم تفتأ تنعش ..
والأمر الأغرب يا قاضى ..
أن الأبدان كما الحية ..
تتراقص .. تتمايل
تتلوى ..
وتعيش الأيام بقيه
لا فارق بينها
لا فارق بين كتاب وغطاء
أو قلم أو طائرة ورقية ..
الوجه سعيد يا قاضى
لكن القلب لا يسعد ..
أيسعد ؟
أولم يبعد
أو لم يسافر فى النعش الابرد ؟
جثث تتحدث يا قاضى ..
القلب يشوبه اسئصال
جثث تتحدث ياقاضى ..
لا بطلات ولا أبطال

القاضى :-
أرجوك قصر
وادخل فى صلب الموال!
الوقت قصير ..
وعندنا من القضايا الكثير ..

الادعاء:-
حسنًا حسنًا ..
عادل وريهام ..
فى أى زمان ومكان ..
فى الواقع عاشوا أوهام
وفى الليالى ..
رأوا الأحلام ..
آمال دلت أحبلها ..
فتعلقا بهم
لكن الأحبال يا قاضى
تمزقت
فسقطوا وتفرقوا
بعد انسجام
والسبب الكبر
هذا المذنب..
صارت أنفسهم فارغة ..
العادل أحصى أيامه
وريهام ماتت منتحرة !
واكتملت دائرة ..
كل دوائر هذا الحب ..
تنتهى بنهايات متشابهة ..
الشاب يقتل قلبه
والبنت غير آبهة !
فى هذا الصك يا قاضى ..
آلاف آلاف القضايا
أنى لاطالب يا قاضى ..
لهذا المذنب بالشنق
وأرى ألا ترحم
فهو قبلك لم يرحم
وتضع قانونًا للحرق ..
أو يعلق فى سفود..
ويدور على نار ملتهبة ..
ليأكل منه العشاق ..
قد انتهيت يا قاضى ..
والأمر اليك ..

القاضى :-
رأيي من رأيك يا سيد ..
لو أنزع عنى ردائي الأسود !
لجعلته الهًا أسود ..
لكن المنصب يجعلنى ..
أسمع لدفاع أجرد ..
من كل حميد وخلوق

تكلم يا دفاع الغبرة !

يقول الدفاع :-
أن ملكاتى شاغرة ..
لا أجد ما أقول ..

يهتف كيوبيد :-
- مؤامرة .

***

(5)

يكمل كيوبيد وقد سالت الدموع من عينيه أنهارًا :-
- أتحاكمون إله ؟

يجيب القاضى :-
- لست الله !
لو كنت الهًا لسحقتنا ..
بطرفة بصر ..
لكن ألهك الحمقى ..
ألهك البشر !
واصبر .. فعما قليل ..
سيكتمل القمر ..
وتتأرجح على مرجوحتنا !
حكمت عليك متهمًا
إياك بقتل الناس ..
والحكم بالقتل ..
لا بد من أن يكون قصاص
الشنق مريح لكلانا ..
أنت ستترك دنيا سوداء ..
وستقلع عن سلب الاحساس !
ونحن سنتخلص من شرك..

شر الوسواس الخناس !
رفعت الجلسة !

4 Comments:

Anonymous said...

bgad to7fa ya tare2 ..
keep it up :D

Anonymous said...

الا ترى انك قسوت عليه
دون الحب ما كانت توجد كلمات ولا أشعار
لولا الحب لما تحركت أقلامنا في كل جهة توصف شعورنا بالحب
أيا كان نوعه

لولا الحب ما كانت توجد أي مشاعر أخرى
لما كانت وجدت الحاجة للمعرفة

هذا هو الحب ؟

بكيت لقسوتك عليه تلك المرة

وأظن انك تعلم من تلك التي تسكب دمعاتها بإفراط
تحياتي لك

Anonymous said...

لا بقه ده ليله بيضه
ما تكتبي اسمك وخلاص ؟
انا متيقن انه مقلب !

Anonymous said...

ههههههههههههههههه
طارق
لا اعلم لم ظننتني تلك التي تتلاعب بك
ظننت انك ستعرفني
لكني لست هي للأسف
ههههههههههههه
جانوووووو